7
7
7
7
7
ش ذ ر ا ت م ن ق و ل ة
من بطون الكتب ومن النت
سأشير إلى المراجع في الختام
7
7
7
7
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فهذا ملف متكامل عن رثاء الأبناء في الشعر العربي والنبطي بإذن الله تعالى
أتمنى لكم المتعة والفائدة
الرثاء, من موضوعات الشعر العربي و هو من أبرزها,لأنه أصدقها
,وأكثرها تعبيراً عن المشاعر الإنسانية، لأنه يرتبط بالموت, و بالحزن على من قد ماتوا, وفارقوا الحياة, وبكى عليهم الشعراء بكاءً يصدر عن أصدق المشاعر والعواطف..
تعريف الرثاء في اللغة:ـ
يرتبط المدلول اللغوي لــ(الرثاء)بالميت والبكاء.
وهما في الأصل مصدر للفعل (رثى)
فيقال:"رثيت الميت رثياً ورِثاءً ومرثاةً ومرثية"
"ويدل (رثى)في أصله اللغوي على التوجع والإشفاق"
واخذ مدلول الرثاء يرتبط بالقصيدة الشعرية,
ويقول ابن فارس:
بأن " الراء والثاء والحرف المعتل أُصَيْلٌ على رِقّة وإشفاق. يقال رثَيْتُ لفُلان: رقَقتُ.
ومن الباب قولُهم رَثَى الميِّت بشعرٍ. ومن العرب من يقول: رَثَأْت. وليس بالأصل."
وكذالك الرثاء في اللغة يعني: بكاء الميت وتعدد محاسنه.
يقول ابن منظور:"رَثى فلان فلاناً يَرْثيهِ رَثْياً ومَرْثِيَةً إِذا بكاهُ بعد مَوته.فإِن مدَحَه بعد موته قيل رثَّاهُ يُرَثِّيه تَرْثِيةً. ورَثَيْت الميّتَ رَثْياً ورِثاءً ومَرْثاةً ومَرْثِيةً ورَثَّيْته: مَدَحْته بعد الموت وبَكَيْته. ورثَوْت الميّت أَيضاً إِذا بكَيْته وعدَّدت محاسنه،وكذلك إِذا نظَمْت فيه شعراً "
وعرفه بعضهم بأنه"حسن الثناء على الميت
وقيل في رثى "رثى الميت رثيا و رثاء و رثاية و مرثاة و مرثية بكاه بعد موته و عدد محاسنه ,
و يقال رثاه بقصيدة و رثاه بكلمة ,و له رحمة و رق له؛( رثاه ) مدحه بعد موته( المرثاة ) ما يرثى به الميت من شعر و غيره"
ـ ألوان للرثاء:ـ
"وللرثاء ألوان ثلاثة وهي الندب ,والتأبين, والعزاء.
والذي يخص بحثنا هو الندب.وهو "بكاء الأهل والأقارب حين يعصف بهم الموت
والرثاء
موضوع أدبي يقوم في بنيته الأساس على الحزن على الميت
وهو تعداد مناقب الميت وإظهار التفجع والتلهف عليه واستعظام المصيبة فيه.
وقيل بأنه:ـ بكاء الميت وتعدد محاسنه بالشعر والنثر.
ومن المعروف أن رثاء الأبناء هو اصدق الشعر لأنه يخرج من عاطفة أكيدة حزينة عاطفة أب مكلوم يبكي بأبيات شعره ابنه وفلذة كبده وكذلك من أم مكلومة تقاسي ألم الفقدان
والأبناء هم اقرب الناس إلى الشاعر الأب ,فلذالك يكون الوقّعُ اكبر,والحدث أجلّ ,فيبكي بالدموع الغزار,وينظم فيه الأشعار التي تبث لوعة القلب وحرقته,لان الابن مضغة منه ,وفلذة كبده..
وسوف نعرض قصائد رثاء الأبناء في هذا الفصل مرتبة بحسب العصور التي قيلت فيها,وبالله التوفيق
ـ رثاء الأبناء في العصر الجاهلي..
الرثاء من أقدم الأغراض الشعرية,يقول شوقي ضيف:"لقد عرف العرب الرثاء منذ العصر الجاهلي"
وسوف اعرض بعض النصوص التي قيلت في رثاء الأبناء في العصر الجاهلي,ونبدؤه بأقدمها
1
قصيدة أحيحة بن الجلاح هو أحيحة بن الجلاح بن الحريش بن جحجبى بن كلفة بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس. ويكنى أحيحة أبا عمرو
من أقدم الشعراء الذين رثو أبنائهم وكان عام 130قبل الهجرة تقريبا,ويقول في قصيدة يرثي ابنه:
أَلاّ إِنَّ عَيني بِالبُكاءِ تُهلِلُ
جُزوعَ صَبورٍ كُل ذَلِكَ تَفعَلُ
فَإِن تَعتَريني بِالنَهارِ كَآبَةٌ
فَلَيلي إِذا أَمسى أَمر وَأَطوَلُ
فَما هَبرَزىٌّ مِن دَنانيرِ أَيلَةٍ
بِأَيدي الوُشاةِ ناصِعٌ يتأَكَّلُ
بِأَحسن مِنهُ يَومَ أُصبِحُ غادياً
وَنَفَّسَني فيه الحِمامُ المُعجلُ
2
ومن بعد احيحة,
يأتي الحارث بن عباد بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عكابة البكري من شعراء العصر الجاهلي من حيث القدم فقد رثى ابنه بجير الذي قتله المهلهل عدى ابن ربيعة وبكاه بقصيده مبكية وكانت في عام 50قبل الهجرة تقريبا ويقول فيها:
كُـلُّ شَـيءٍ مَصـيـرُهُ لِلـزَّوالِ غَيـرَ رَبِّـي وَصالِـحِ الأَعمـالِ
وَتَـرَى النَّـاسَ يَنظُـرونَ جَميعـاً لَيسَ فيهِم لِـذاكَ بَعـضُ احتِيـالِ
قُـل لأُمِّ الأَغَـرِّ تَبكِـي بُجَيـراً حيـلَ بَيـنَ الرِّجـالِ وَالأَمـوالِ
وَلَعَمـري لأَبكِـيَـنَّ بُجَـيـراً مَا أَتَى المَـاءُ مِـن رُؤوسِ الجِبـالِ
لَهفَ نَفسي عَلـى بُجَيـرٍ إِذا مَـا جالَتِ الخَيلُ يَومَ حَـربٍ عُضـالِ
وَتَسَاقَـى الكُمـاةُ سُمّـاً نَفيعـاً وَبَدَا البِيضُ مِـن قِبـابِ الحِجـالِ
وَسَعَت كُلُّ حُـرَّةِ الوَجـهِ تَدعُـو يَـا لِبَكـرٍ غَـرَّاءَ كَالتِّـمـثـالِ
يَا بُجَيرَ الخَيـراتِ لاصلـحَ حَتَّـى نَملأَ البِيـدَ مِـن رُؤوسِ الرِّجـالِ
وَتَقَـرَّ العُيـونُ بَـعـدَ بُكَـاهَـا حِينَ تَسقِي الدِّمَا صُـدُورَ العَوالِـي
أَصبَحَت وائِلٌ تَعِـجُّ مِـنَ الحَـربِ عَـجـيـجَ الجِمـالِ بِالأَثـقَـالِ
لَم أَكُـن مِـن جُناتِهـا عَلِـمَ اللهُ وَإِنِّـي لِحَـرِّهـا اليَـومَ صـالِ
قَد تَجَنَّبـتُ وائِـلاً كَـي يُفيقـوا فَأَبَـت تَغلِـبٌ عَلَـيَّ اعتِـزالِـي
وَأَشـابـوا ذُؤابَـتِـي ببُجَـيـرٍ قَتَـلـوهُ ظُلمـاً بِغَيـرِ قِـتـالِ
قَتَـلـوهُ بِشِسـعِ نَعـلٍ كُلَيـبٍ إِنَّ قَتلَ الكَريـمِ بِالشِّسـعِ غـالِ
يَا بَنِي تَغلِبَ خُـذوا الحِـذرَ إِنَّـا قَد شَرِبنَـا بِكَـأسِ مَـوتٍ زُلالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ النَّعـامَـةِ مِنِّـي لَقِحَت حَربُ وَائِـلٍ عَـن حِيـالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ النَّعـامَـةِ مِنِّـي لَيسَ قَولِـي يـرادُ لَكِـن فعالِـي
قَـرِّبـا مَربَـطَ النَّعـامَـةِ مِنِّـي جَـدَّ نَـوحُ النِّسـاءِ بِالإِعـوالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ النَّعـامَـةِ مِنِّـي لِبَـجَـيـرٍ مُفَـكِّـكِ الأَغـلالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ النَّعـامَـةِ مِنِّـي لِكَـريـمٍ مُـتَـوَّجٍ بِالجَـمـالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ النَّعـامَـةِ مِنِّـي لا نَبيـعُ الرِّجـالَ بَيـعَ النِّعـالِ
قَـرِّبـا مَربَـطَ النَّعـامَـةِ مِنِّـي لِبُجَيـرٍ فـداهُ عَمِّـي وَخَـالِـي
قَـرِّباهَـا لِحَـيِّ تَغلِـبَ شوسـاً لاِعتِنـاقِ الكُمَـاةِ يَـومَ القِتَـالِ
قَـرِّباهَـا وَقَرِّبـا لأمَتِـي دِرعـاً دِلاصـاً تَـرُدُّ حَـدَّ الـنِّـبـالِ
قَـرِّباهَـا بِمُـرهَفـاتٍ حِـدادٍ لِقِـراعِ الأَبطَـالِ يَـومَ النِّـزالِ
رُبَّ جَيشٍ لَقيتُـهُ يَمطُـرُ المَـوتَ عَلـى هَيكَـلٍ خَفيـفِ الجِـلالِ
سَائِلـوا كِنـدَةَ الكِـرامَ وَبَكـراً وَاسأَلوا مَذحِجـاً وَحَـيِّ هِـلالِ
ِذَا أَتَـونـا بِعَسكَـرٍ ذِي زُهـاءٍ مُكفَهِـرِّ الأَذَى شَديـدِ المَصَـالِ
فَـقَـرَينـاهُ حِيـنَ رَامَ قِـرَانـا كُلَّ مَاضِي الذُّبابِ عَضبِ الصِّقَـالِ
3
وهذا زهير بن جذيمة بن رواحه بن ربيعة بن مازن بن الحارث بن عبس بن ريث بن غطفان في السنة 50 قبل الهجرة
يرثي أبنه شأس الذي قتل بقصيدة مبكية ويقول فيها:
بكيت لشأس حـين خـبـرت أنـه بمــاء غني آخــر الـلـيل يســــــلـب
لقد كان مأتاه الـرداه لـحـتـفـــه وما كان لولا غرة الــــلـيل يغـلـب
فتيل غني ليس شكل كـشـكـلـه كذاك لعمري الحين للـــمرء يجلـب
سأبكي عليه إن بكـيت بـعـبـرة وحق لشأس عبرة حيـــــن تسـكـب
وحزن علـيه مـا حـييت وعـولة على مثل ضوء البدر أو هو أعجب
إذا سيم ضيما كان للضيم منـكـرا وكان لدي الهيجاء يخشى ويرهـب
وإن صوت الداعي إلى الخير مـرة أجاب لما يدعو له حـين يكـــرب
فــفـرج عـنـه ثـــم كـــان ولـــيه فقلبي عليه لو بدا القلب ملـهـب
4
ومن قصائد النساء الجاهليات
نأخذ قصيدة لأم السليك بن سلكه وهي سللكة وهي مملوكة سوداء وعرفت بام السليك بن عمرو بن الحارث وهو مقاعس بن عمرو بن كعب بن زيد مناة بن تميم
ترثي بهذه الأبيات ابنها ,وهي في السنة 17 قبل الهجرة وتقول فيها:
طـاف يبغـي نجـوة من هلاك ، فهلـك
ليت شعـري ضلـه أي شـــئ قـتـلــــك
أمريض لــم تعـــد أم عــدو خـــتلــــك
أم تولـــى بك مـــا غال في الدهر سلك
والـمـنايـا رصّــــدٌ للـــفتى حيث سلك
كــل شــئ قـاتــلة حين تلقـى أجلــــك
5
ونختم العصر الجاهلي بقصيدة لزهير بن ابي سلمى التي رثى
بها ابنه سالم ويقول فيها:
رأت رجلا لاقى من العيش غبطة وأخطأه فيها الأمور العظائم
وشب له فيها بنون وتوبعت سلامة أعوام له وغنائم
فأصبح محبورا ينظر حوله بمغبطة لو أن ذلك دائم
وعندي من الأيام ما ليس عنده فقلت: تعلم أنما أنت حالم
لعلك يوما أن تراعي بفاجع كما راعني يوم النتاءة سالم
يديرونني عن سالم وأديرهم وجلدة بين العين والأنف سالم
والى هنا نكتفي بهذا العرض لقصائد شعر رثاء الأبناء في العصر الجاهلي
برغم كثرتها.ولكني اخترت ما أراه أبرزها,والله ولي التوفيق.
وننتقل بعد العصر الجاهلي
7
7
7
7
7
إلى عصر صدر الاسلام والأموي
7
7
7
7