اتصل بنا البحث up a3ln usercp home
 


العودة   ::. مـنتدى قبيلـة العجمـان .:: > المنتديات الـعامــه > :: المنتدى الاسلامـــي ::

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16-03-2011, 03:20 AM
امبراطوري امبراطوري غير متواجد حالياً
 عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 672
تصحيح خطأ تاريخي حول الوهابية

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الأندلس ممن عاصرها أو جاء بعدها فأرادوا شيئاً عاجلاً يحقق الغرض و ينهض الهمم لإسكات الدعوة الجديدة خوفاً من توسع الدائرة الإسلامية حيث قامت الدولة السعودية الأولى مناصرة للدعوة التي قام بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب – فتصافحت يداً الإمامين : محمد بن سعود و محمد بن عبد الوهاب رحمهما الله في عام 1157 هـ على القيام بهذه الدعوة نصرة لدين الله و أداء لأمانة التبليغ .

فوفق الله و لقيت الدعوة قبولاً و تأييداً حيث امتدت إلى العام الإسلامي كله و تأثر بها العلماء من الحجاج و بدأوا في نشرها في بلادهم .... تأليف
د/محمد سعد الشّويعر

دار الحبيب
الطبعة الرابعة
1421هـ - 2000م

www.islamancient.com
مقدمة الطبعة الثالثة

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين: أما بعد
فإن الجامعة الإسلامية مؤسسة علمية وثقافية، تعمل على هدى الشريعة الإسلامية ، وتقوم بتنفيذ السياسية التعليمية بتوفير التعليم الجامعي، والدراسات العليا، والنهوض بالبحث العلمي، والقيام بالتأليف والترجمة والنشر، وخدمة المجتمع في نطاق اختصاصها.
لذا رأت طباعة هذا الكتاب القيم (تصحيح خطأ تاريخي حول الوهابية) لمعالي الدكتور محمد بن سعد الشويعر، وهو كتاب يطابق عنوانه يوضح خطأ تاريخياً بسببه حصل التجني على شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ودعوته إلى التوحيد الذي هو حق الله على العبيد، كما هي دعوة الرسل من أولهم إلى خاتمهم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعليهم وسلم، وحصل سوء الفهم الذي استغله أعداء الإسلام والمسلمين للتفريق بينهم وتمزيق وحدتهم، فلعل هذا الكتاب القيم يسهم في إزالة اللبس وتصحيح مفاهيم خاطئة وكبت نوايا فاسدة.
أدعو الله أن ينفع به الإسلام والمسلمين وان يجزي مؤلفه خير الجزاء.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

مدير الجامعة الإسلامية
د. صالح بن عبد الله العبود

سبب التأليف

الحمد لله و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد و آله و صحبه أجمعين . و بعد،

كنت قد أخرجت كتاباً صغيراً باسم تصحيح خطأ تاريخي حول الوهابية يقع في 110 صفحات تقريباً و طبع للمرة الأولى بتطوان بالمغرب عام 1407 هـ و طبعته دار المعارف بالرياض الطبعة الثانية عام 1413 هـ , أوضحت فيه بأن خصوم دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب و أعداء دين الله الحق , من أرباب المصالح الدنيوية ممن يريدون إطفاء نور الله و التصدي لمن يريد أن يحقق التوحيد الذي أمر به الله و أرسل به رسله من أولهم إلى آخرهم : دعوة و تطبيقاً و تنقية من مداخل الشرك .

فوجدوا دعوة خارجية أباضية في شمال إفريقيا نشأت في القرن الثاني الهجري باسم الوهابية نسبة إلى عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم الخارجي الأباضي , ووجدوا فتاوى من علماء المغرب و

فخاف المنتفعون دنيوياً من آثارها ووجدوا الضالة في الوهابية الرستمية , المدفون خبرها في سجلات التاريخ فنبشوا في فتاوى العلماء حولها و كانت فرصة بإلباس الثوب القديم للدعوة الجديدة ووجدت الإشاعة صدى في النفوس لأن أرباب المنافع الدنيوية جهدوا في التمويه و التشويه و الناس عادة يتلقفون الكذب أكثر من اهتمامهم و تحريهم للصدق .

و لذ فإن للإشاعات دوراً كبيراً في تغيير المفاهيم ووضع تصورات تغاير الواقع ... بحسن نية أو سوء فهم . وفي حدود عام 1407 هـ كان نقاش علمي مع أحد علماء المغرب حول دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – حقق نتيجة مرضية و صحح مفهوماً تاريخياً سائداً و قد رغب إلى أكثر من أخ كريم ذكر سبب التأليف تلك الرسالة كتابياً حيث ذكرتها لهم شفوياً لأنه أمكن في البلاغ و يطلع عليها أكبر عدد ممكن حيث تبقى حية لمن يريدها و اســتجابة لذلك أقول :-

قد يكون من المناسب الاشتراك مع القارئ في السبب الذي من أجله كتبت : تصحيح خطأ تاريخي حول الوهابية , ولأن الله قد جعل لكل شئ سبباً فكان هذا الحوار الذي تولد عنه النقاش العلمي المقنع و الحوار الهادئ المثمر هو السبب المباشر لكتابة هذه الرسالة .

( ففي عام 1407 هـ، كنت في مهمة لموريتانيا ، ثم عرجّنا على السنغال ، وكان خط سير الطيران ملزماً لنا بالبقاء في المملكة المغربية ستة أيام .

وفي أحد الأيام كنت في ضيافة أحد الأساتذة بإحدى الجامعات هناك ، وأرمز له : بالدكتور عبد الله . وفي جلسة بمكتبته دارت أحاديث شتى ، ومن محبته للملكة وحضور مؤتمرات عديدة بها ، طرح عليّ هذا السؤال أمام الحاضرين ،وعددهم يقارب الاثني عشر شيخاً من فضلاء البلاد هناك .
قال إننا نحب المملكة ، ونفوس المسلمين وقلوبهم تهفوا إليها ، وبيننا وبينكم تقارب كبير وتفاهم بين القيادات ، وإعجاب بما يؤديه حكام وعلماء المملكة من جهود مخلصة للإسلام والمسلمين ، ولكن حبذا لو تركتم المذهب الوهابي الذي فرق بين المسلمين ؟! .
فأجبته : قد يكون علق بالذهن معلومات خاطئة ، مأخوذة من غير مصدرها السليم ، ولكن حتى تلتقي المفاهيم ، نحب أن نطرح الموضوع بحضور الإخوة للنقاش العلمي المقرون بالبراهين .. ثم قلت :-
ولما كان كل إنسان ترتاح نفسه ، ويطمئن قلبه ، لما ألفه علماء بلده ، فإنني في هذا الحوار لن أخرج عما في محتويات هذه المكتبة ، التي تضمنا جدرانها الأربعة ؛ لأنك كما تراني الآن لا أحمل كتاباً ، ولم يخطر ببالي مثل هذا النقاش .
ولذا وقبل أن نبدأ : أرجو أن يكون نقاشنا بعيداً عن التعصب والانفعال ، أو طرح الآراء بدون دليل مقنع يعول عليه ، لأن نشدان الحقيقة هو هدفنا ، والامتثال لأمر الله وأمر رسوله هو غايتنا ، ونصر الدين هو المؤمل من كل منّا .
قال : أوافقك على هذا ، وأصحاب الفضيلة المشايخ هم الحكم بيننا.
قلت : رضيت بذلك ، وبعد التوكل على الله أرجو أن تطرح أي مدخل للحوار .
قال : خذ مثلاً ما ذكره الونشريسي في كتابه ] المعيار [ الجزء 11 ، وهو قوله : سئل اللخمي : عن أهل بلد بنى عندهم الوهابيون مسجداً ، ما حكم الصلاة فيه ؟.

وللمعلومية : فإن كتاب ]المعيار[ هذا هو كتاب يجمع الفتاوى في الفقه المالكي ، جمعه أحمد بن محمد الونشريسي ، وطبع في 13 مجلداً ، وقد طبعته الحكومة المغربية وتوزع منه نسخ عن طريق الإهداء .

بعد طرح السؤال ، و إحضار الكتاب المذكور الجزء 11 ، أجبته: بان الفتوى على هذا السؤال صحيحة ، ونوافق اللخمي على ما جاء في فتواه .
قال إذا اتفقنا على أن هذه الفرقة ، وخطأ ما تسير عليه ، خاصة وأن المفتي قال : هذه فرقة ، خارجية ضالة كافرة ، قطع الله دابرها من الأرض ، يجب هدم المسجد ، وإبعادهم عن ديار المسلمين .
قلت : لم نتفق بعد ولا زلنا في بداية الحوار .. ولعلمك : فإن هذه الفتوى لها نظائر كثيرة قبل اللخمي وبعده ، موجودة لدى علماء الأندلس ، وفقهاء شمال أفريقيا ، وهي مستمدة من حكم رسول الله في الخوارج ، الذين قاتلهم علي بن أبي طالب في النهروان .
وفي نقاشنا هذا ، سوف نصل بإذن الله إلى تصحيح المفهوم التاريخي بين ما تعنيه هذه الفرقة ، التي أفتى علماء الإسلام في الأندلس وشمال إفريقيا بشأنها ، وبين التسمية التي ألصقت وصفاً مستهجناً بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله التصحيحية . هذا التصحيح لن يكون
( انظر(المعيار المعرب في فتاوى أهل المغرب ) (11/168 ) والسؤال في المعيار أوسع مما ذكر هنا . )

مقنعاً إلا بقرائن وبراهين مرضيّة عندكم ، لأن رائدنا جميعاً الوصول إلى الحقيقة لذات الحقيقة .. والرأي الهادئ المقنع هو الذي تنجلي به الغشاوة وتصحح به المفاهيم .
قال: كلنا نريد الوصول لهذه الحقيقة .. ثم قال : وبعد هذه الفتوى نريد أن تعطينا ما عندك ، ونحن نستمع والإخوة يحكمون بيننا ، ويصوبّون أو يخطئون ما يقال أو يعرض أمامهم .
قلت : : سترون – إن شاء الله - ، ما ينير الطريق لمن يريد الوصول للرأي الصائب ، واستجلاء الأمر ، و لهذا : نبدأ بما لدينا من أجزاء المعيار ..
ولعلك تقرأ طرة الكتاب ليسمع الإخوة ؟ .
قال : تريد الفتوى حتى أقرأها أمامهم ، أم أبدأ بما على الغلاف الخارجي من معلومات ؟؟.
قلت : بل الغلاف الخارجي .. أو الداخلي .. فهما سواء ..
فقرأ : ] المعيار المعرب في فتاوى أهل المغرب [ ، تأليف : أحمد بن محمد الونشريسي المتوفى عام 914 هـ ، بفاس بالمغرب .
قلت لأكبر المشايخ سناً ، وهو شيخ وقور ، هادئ الطبع ، اسمه أحمد : يا شيخ أحمد سجل تاريخ وفاة الونشريسي .. فرصد ذلك عام 914 هـ .
ثم قلت : هل من الممكن إحضار ترجمة اللّخميّ ؟ .
قال : نعم .. ثم قام إلى رفّ من رفوف المكتبة فأحضر جزءاً من أحد كتب التراجم ، وفيه ترجمة : علي بن محمد اللخمي ، مفتي الأندلس وشمال إفريقيا ، والترجمة طويلة ، وفيها ثناء عليه وعلى علمه .. فقلت : إن بيت القصيد في نهاية الترجمة ، فمتى توفي ؟
قال القارئ : وتوفي عام 478 هـ .
فقلت للشيخ أحمد : اكتب تاريخ وفاة الشيخ علي اللّخمي ، فكتبه في عام 478 هـ .
فقال الدكتور عبد الله : هل تشك في علمائنا وفي فتاواهم ؟ .
قلت وما دليلك على هذا الشك ؟ . ثم التفتّ إلى المشايخ .. وقلت : هل بدر مني ما يدعو إلى الشك الذي أوجب هذا القول ؟. فكان الجواب بالإجماع : النفي .
قلت : ولكي أنفي الشك عني ، وعن علمائنا في بلادي ، فإننا نحترمهم ونجلّهم ، ونصوّب كل
( ( الحلل السندسية ) ص : 142 ، و( الأعلام ) للزركلي (5/148 ) ، وفي ( الحلل السندسية ) أنه توفي في صفاقص . )
قلت : ولكي أنفي الشك عني ، وعن علمائنا في بلادي ، فإننا نحترمهم ونجلّهم ، ونصوّب كل فتوى تصدر عنهم ، يدعمها الدليل من الكتاب الكريم ، والصحيح من سنة رسول الله . ولكن الوصول إلى ما بدأنا الحديث من اجله ، مقروناً بما يدعمه ، يحتاج إلى شيء من الأناة والصبر .
ومن باب استعجال الجواب : أطرح على الجميع هذا السؤال : هل يمكن أن يفتي العلماء على معتقد لم يوجد صاحبه الذي ينسب إليه بعد ، أو الحكم على ملّة من الملل لم تظهر بعد ؟؟!! .
قالوا جميعاً : لا .. ولم يعرف هذا ، إلا ما جاء عنه إخبار من رسول الله . وهذا من معجزات النبوة ، وفي الغالب يأتي الوصف دون المسمى .
قلت موجهاً الكلام لمحدّثي : ألست تعتقد ويعتقد غيرك : أن الوهابية أول من أنشأها محمد بن عبد الوهاب في نجد ؟ قال بلى.
قلت : إن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، عندما أفتى اللّخمي وغيره من علماء المالكية في الأندلس . وفي الشمال الإفريقي ، كان أكثر من اثنين وعشرين من أجداده لم يولدوا بعد ، باعتبار أن المتوسط لكل قرن ثلاثة جدود ، كما أن بين وفاة عبد الوهاب بن رستم ووفاة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ما يقرب من واحد وثلاثين جداًّ ، وعلماؤكم وعلماء المسلمين لا يعلمون الغيب ، وننزههم عن الكهانة والسحر ، وعن القول في أمر لا يعلمونه ، قال تعالى ) قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيَّان يبعثون ( .
قال : أوضح أكثر ..!!
قلت : إن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ولد عام 1115هـ ، ومات سنة 1206 هـ ، وبينه وبين أحمد الونشريسي الذي ألف كتاب ( المعيار ) ، ونقل الفتوى عن اللّخمي – كما مر بنا – مئتان واثنتان وتسعون سنة ( 292 ) وفق تاريخ الوفاة ، كما أن بين الشيخ محمد بن عبد الوهاب وبين اللّخمي ، وهو صاحب الفتوى سبعمائة وثمانية وعشرون عاماً (728 ) وفق تاريخ الوفاة، وفق ما سجّل الشيخ أحمد لوفاة كل منهما .
ويقاس على هذا كل من أفتى من علماء الأندلس وشمال إفريقيا عن تلك الوهابية .
قال : هل يمكن أن توضح أكثر لما تعني .. بدليل مقنع ؟
قلت : لم يهتم علماء شمال إفريقيا والأندلس ، بالفتاوى عن الوهابية والتحذير منها ، إلا لأنها موجودة عندهم بخلاف ديار المسلمين الأخرى ، التي وضّح فرقها الشهرستاني في كتابه ( الملل والنحل ) .
وابن حزم في كتابه ( الفصل في الملل والأهواء والنحل ) .
وفي موضوعنا : ألا يوجد عندك كتاب : ( الفرق الإسلامية في شمال إفريقيا ) ، الذي ألفّه الفرنسي : ألفرد بل ، وترجمه للغة العربية : عبد الرحمن بدوي ؟ .. وهو جزء واحد .
قال : هاهو موجود .. ثم قام وأحضره .
قلت فلنقرأ في آخره ، حرف الواو .. فقرأ أحدهم : الوهبية أو الوهابية : فرقة خارجية أباضية أنشأها عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن رستم ، الخارجي الأباضيّ ، وسميت باسمه وهابية ، الذي عطّل الشرائع الإسلامية ، وألغى الحج ، وحصل بينه وبين معارضيه حروب .. إلى أن قال : المتوفى عام 197 هـ ، بمدينة تاهرت بالشمال الأفريقي ، وأخبر بأن فرقته أخذت هذا الاسم ؛ لما أحدثه في المذهب من تغيرات ومعتقدات ، وكانوا يكرهون الشيعة قدر كراهيتهم لأهل السنة .وكان ألفرد هذا قد تحدث في كتابه المنوه عنه عن الفرق الإسلامية في الشمال الإفريقي من الفتح العربي حتى وقت المؤلف في العصر الحاضر تقريباً .
وعبد الوهاب بن رستم قد اختلف في تاريخ وفاته ، عند من كتب عنه ، ويرى الزر كلي في ( الأعلام ):أن وفاته نحو 190 هـ .
عند ذلك قلت له وللحاضرين : هذه هي الوهابية التي فرقت بين المسلمين ، وصدرت بشأنها فتاوى من علماء وفقهاء الأندلس وشمال أفريقيا ، كما تجدون في كتب العقائد عندكم ، وهم محقون فيما قالوا عنها .
أما دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التي ناصرها الإمام محمد بن سعود – رحمهما الله – السلفية التصحيحية ، فهي ضد الخوارج وأعمالهم ؛ لأنها قامت على كتاب الله وما صح من سنة رسوله ، ونبذ ما يخالفهما وهم من أهل السنة والجماعة .
( يراجع هذا الكتاب وهو جزءان ، حيث لا توجد فيه فرقة باسم الوهابية .
يراجع هذا الكتاب وهو 4 أجزاء ، حيث لا توجد فيه فرقة باسم الوهابية . )
والشبهة التي انتشرت في بلاد الإسلام قد روجها أعداء الإسلام والمسلمين من مستعمرين وغيرهم لكي تبث الفرقة في صفوفهم ، فقد كان المستعمرون يسيطرون على غالب العالم الإسلامي في ذلك الوقت ، وهو وقت عنفوانهم ، ويعلمون من واقع حروبهم الصليبية ، أن عدوهم الأول في تحقيق مآربهم : الإسلام الخالي من الشوائب ، وتمثله السلفية ، ووجدوا ثوباً جاهزاً ألبسوه هذه الدعوة تنفيراً ، وتفريقاً بين المسلمين – لأن مبدأهم فرق تسد – حيث أن صلاح الدين الأيوبي رحمه الله لم يخرجهم من ديار الشام إلى غير رجعة ، إلا بعد أن قضى على دولة الفاطميين العبيديين الباطنيين من مصر ، ثم استقدم علماء من أهل الشام ووزعهم في الديار المصرية فتحولت مصر من التشيّع الباطني إلى منهج أهل السنة والجماعة ، الواضح دليلاً وعملاً واعتقاداً .
فالمستعمرون خافوا من إعادة الكرّة ، بعدما رأوا دولة التوحيد السنّية ، التي قادها الإمامان : محمد بن عبد الوهاب ، ومحمد بن سعود ، ثم من جاء بعدهما ، تتسع أعمالهما ، ، ويكثر المستجيبون لما تهدف إليه هذه الدعوة ، ومعلوم لديكم أن المستعمر ما دخل بلدة إسلامية إلا حاول إقصاء أهل السنة ، وتقريب أهل الأهواء والبدع ؛ لأنهم مطيته فيما يريد عمله في ديار الإسلام .
كنت أعتقد أن هذا الجواب فيه إقناع .. لكن طرح أحدهم سؤلاً قال فيه : ألا يكون محمد بن عبد الوهاب قد أخذ منهج السابقين وأحياه من جديد واتبع طريقتهم ؟!
قلت : أولاً : لبعد الاتصالات بين المكانين فإن المعلومات لا تصل ولم يكن لدعوة عبد الرحمن بن رستم ذكر في تاريخ الجزيرة العربية ، بل كما مر بنا ، لم يكن لها تصنيف عند الدارسين والراصدين للملل والنحل والأهواء ؛ كالشهرستاني وابن حزم ، ولا في ردود ابن تيمية ، وابن رستم مات قبل هؤلاء بزمن . مما يدل على أن دعوة عبد الوهاب بن رستم ( الوهّابيّة ) لم تتعدّ الشمال الإفريقي والأندلس قبل ضياعها .
ثانيا : أن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب تختلف عن دعوة جميع الفرق المخالفة لكتاب الله ولسنة رسوله ، لأنها دعوة تجديدية على منهج السلف الصالح ، ولم يأت بشيء يخالف ذلك .
ثالثاً : تسمية الدعوة التي قام بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب بـ ( وهّابيّة ) نسبة إليه خطأ لغوي ، لأن والده لم يقم بها ، و إلا لأشترك في هذه النسبة الوالد وأولاده ، ومحمد واحد منهم لتصبح نسبة مشتركة .
رابعاً : الشيخ محمد بن عبد الوهاب في دعوته لا يوافق الإباضية في آرائهم ، ولا غيرهم من الفرق التي ذمها علماء أهل السنة منذ نشأت في ديار المسلمين ، وكتبه ورسائله توضح ذلك .
خامساً : أن ما نسب إليه من أمور ، آتي لها بشواهد – إن رأيتم في الوقت متسعاً _ من كلامه وكلام تلاميذه بالتبرئ مما نسب إليه كذباً وزوراً ، ويقول في كلامه : سبحانك ربي هذا بهتان عظيم . فكيف ينسب للإنسان شيء هو يتبرأ منه ؟؟!
لكن سوف نستكمل الحوار ، ولعلنا نجد في هذه المكتبة – بحول الله – ما يزيل ما علق بالأذهان من شبهة ، والحكمة ضالة المؤمن .
قلت : ولعلنا نجد عندكم كتاباً تاريخياً عن منطقتكم اسمه ( تاريخ شمال أفريقيا ) من تأليف أحد الغربيين في فرنسا .. واسم المؤلف: شارلي أندري ، وقد ترجمه إلى اللغة العربية محمد مزالي رئيس وزراء تونس الأسبق ، والبشير بن سلامة ..
قال الدكتور عبد الله : نعم موجود .. فأحضره وهو ثلاثة أجزاء .
وباستعراض الفهارس : قرأنا في الجزء الثاني ، عن ممالك الخوارج ، ومن ضمنها مملكة تاهرت ، التي هي الدولة الرستمية، حيث توسع المؤلف في الحديث عن معتقداتها واتساعها ومعالمها الحضارية ، وتسميتها بالوهابية ، نسبة إلى عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم ، الذي خالف أهل ملته ، كما أبان في عشر صفحات ، بأن هذه الوهابية – الرستمية – تخالف أهل السنة في المعتقد .
ثم قلت : ولعلك تحضر أيضاً كتاب : ( المغرب الكبير ، العصر العباسي ) للدكتور : السيد عبد العزيز سالم ، إن كان موجوداً في هذه المكتبة .
قال : نعم موجود : ثم أحضره .
( - انظر هذا الكتاب الجزء الثاني من ص 40 , 50 و في مواطن أخرى. )
فقرانا سوياً بعد إحضاره في الجزء الثاني عن الدولة الرستمية ، في مدينة تاهرت في المغرب : أن عبد الرحمن بن رستم ، وهو من أصل فارسي ، عندما أحس بدنو أجله في عام 171 هـ ، أوصى لسبعة من خيرة رجال الدولة الرستمية ، ومن بينهم ابنه عبد الوهاب ، ويزيد بن فنديك : وقد بويع عبد الوهاب ، مما ترتب عليه نشوء خلاف بينه وبين ابن فنديك .
وقد انقسمت الإباضّية التي هي ديانة ابن رستم ومن معه ، حيث نقلها من المشرق إلى المغرب إلى فرقتين : الوهابية نسبة إلى عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم ، والنكارية ، ودارت بين الطرفين معارك ومقاتل ، تنهزم فيها النكارية ، إلى أن قتل زعيمها : ابن قنديرة ، وفي حالة ضعف من النكارية ، انضموا إليهم الواصلية المعتزلة .
ثم قال : وقد عزم عبد الوهاب هذا على حج في آخر حياته ، إلا أن أتباعه نصحوه بالبقاء في ( نفّوسه ) خوفاً عليه من العباسين .
ثم قلت : ولو رجعنا إلى كتاب ألفرد بل ، عن الفرق الإسلامية في الشمال الإفريقي ، من الفتح الإسلامي حتى اليوم ..لوجدناه في موضع آخر يقول : الخوارج الوهبيين الذين سمّوا نسبة على عبد الله بن وهب الراسبي ، الذي قاتله علي بن أبي طالب رضي الله عنه في النهروان هم : خوارج أباضية ، وعن انقسامهم قال : بأن أباضية المغرب ، في تاهرت منهم ، وهم الذين كانت ولتهم الرستمية في شمال إفريقيا ، وكانوا أشد الفرق تعصباً . واتباع عبد الوهاب بن رستم ، الذي سميت فرقته بالوهابية نسبة إليه ؛ لما أحدثه في المذهب من تغييرات ومعتقدات .
وقد تحدث في هذا الأمر قرابة اثني عشرة صفحة ، واخبر أنهم يكرهون أهل السنة .
ثم قلت : من هذا الرصد وغيره من كتب العقائد والسير ، في تاريخ شمال أفريقيا ، يبرز أمام طالب الحقيقة ، ما حرص عليه الكاتبون من تفنيد لمعتقدات الخوارج الإباضية الرستميين ، الذين منهم الوهابيون – نسبة إلى عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم - ، منذ خرجت هذه الفرقة بالقرن الثاني الهجري ، حيث أكدت ذلك جميع المصادر .
( - انظر هذا الكتاب ج 2 ص 551 – 557 طباعة دار النهضة العربية بيروت , وفيه معلومات أشمل عن عبد الوهاب هذا و دولته و ذكر أن وفاته كانت عام 211 هـ .
- يراجع الفرق الإسلامية في الشمال الإفريقي ص 150. )
و الشيخ محمد بن عبد الوهاب الذي قام بدعوته للقضاء على الشوائب التي أدخلت على الإسلام في صفائه و نقاوته رغبة منه في تصحيح العقائد و تنقيتها من مداخل و البدع مثلما سار من قبله دعاة منهم أحمد بن حنبل , وشيخ الإسلام ابن تيمية في الشام و العز بن عبد السلام في مصر و غيرهم ... كلهم و غيرهم من أئمة الإصلاح و التجديد يخالفون ملل الخوارج و ما يدعون إليه من معتقدات و اعتزال و بدع تخالف ما درج عليه أهل السنة و الجماعة و هذا مرصود في كتب : الملل و الأهواء و النحل .
فحصل بحمد الله الاقتناع خاصة بعد أن تردد اسم الوهابية في مصادرهم التاريخية و العقدية مراراً مع إيضاح نماذج مما يدعون إليه .. لكنني أحببت ترسيخ هذا المفهوم عندهم بما لا يدع مجالاً للشك و لكي يستفيد منه من يطلع عند تدوينه وفقاً لكلام البلاغيين : زيادة المبنى , زيادة في تمكين المعنى .

فقلت : ما رأيكم إذا اتسعنا مع المصادر و برز أمامنا من الحقائق التاريخية زيادة عما ذكر ما يدل على أن علماءبلادكم و حكامها قد اهتموا بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب عندما حرص آل سعود على نشرها و تبلغها لحكام المسلمين بالمكاتبات و بعث المندوبين اقتداء بأسلافنا في أداء الأمانة و تبليغ ما قاموا من أجله أخذاً من قول الله سبحانه : { و إنه لذكر لك و لقومك و سوف تسئلون } (سورة الزخرف آية 44 ) حيث قام حكام المغرب الأقصى و علماؤه بالتقصي و المحاورة ثم اقتنعوا بسلامة هذه الدعوة .
قالوا : نعم ... نريد المزيد , بالشئ المفيد , المقنع و الموثق .
قلت : سوف يكون ذلك إن شاء الله .
ثم قلت : لعلكم تعلمون أن الإمام سعود بن عبد العزيز – و هو الإمام الثالث من الدولة السعودية الأولى – قد بعث بعد ما دخل مكة في عام 1219 هـ رسائل شمال أفريقيا : تونس و المغرب الأقصى و غيرهم يشرح فيها حقيقة التوحيد و أصول الدين الذي جاء به الرسول محمد صلى الله عليه وسلم صافياً نقياً من الأمور التي أدخلت عليه و بلغه للناس بصدق و أمانة , عليه من ربه أفضل الصلاة وأزكى التسليم , وهي رسالة من ثلاث صفحات حسبما نشرتها مجلة ألمانية اسمها إسلاميكا " islamiga " مع دراسة باللغة الألمانية لما تعنيه الدعوة التي قاموا بها من أحد المستشرقين ( ) .
و كانت هذه الرسالة توضح بمحتواها و نصها العربي ما قام به الإمام سعود ووالده من قبل من عمل وفق أمر الله و أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى دين الله على نور من الله ليزيل ما قد يكون علق بالأذهان من أكاذيب قيلت عن الدعوة و نفاها الشيخ محمد بن عبد الوهاب قبل وفاته [1115 – 1206 هـ] و في ردوده بقوله : سبحانك هذا بهتان عظيم و قبلنا كذب على صفوة الخلق عليه الصلاة السلام كما في رسالته رحمه الله لعبد الله بن سحيم و هو من المعارضين له , و في رسالته إلى عالم بغداد الشيخ عبد الرحمن السويدي رحمه الله تعالى : بعد أن بين لهذا الأخير عقيدته و ما يدعوا الناس إليه من إخلاص العبادة لله تعالى و إنكار ما فشا في الناس من أمر الشرك من دعاء الأموات و الالتجاء إليهم من دون الله تعالى قال : فقام بسبب هذه الدعوة من عارضنا في ذلك و افترى علينا الكذب – إلى أن قال : فإني ألزمت من تحت يدي بإقام الصلاة و إيتاء الزكاة و غير ذلك من فرائض الله و نهيتهم عن الربا و شرب الخمر و أنواع المنكرات فلم يمكن الرؤساء القدح في هذا و عيبه لكونه مستحسناً عند العوام فجعلوا قدحهم و عداوتهم فيما آمر به من التوحيد و أنهى عنه من الشرك و لبسوا على العوام : أن هذا خلاف ما عليه أكثر الناس و كبرت الفتنة جداً و أجلبوا علينا بخيل الشيطان و رجله , منها : إشاعة البهتان بما يستحي العاقل أن يحكيه عن أن يفتريه و منها ما ذكرتم : أتى الكفر جميع الناس إلا من اتبعني و أزعم أن أنكحتهم غير صحيحة و يا عجباً كيف يدخل هذا في عقل عاقل ؟ هل يقول هذا مسلم أو كافر أو عارف أو مجنون ؟؟ !! . و بعد أ، عدد أموراً كثيرة مما نسب إليه قال : و الحاصل أن ما ذكر عنا من الأسباب غير دعوة الناس إلى التوحيد و النهي عن الشرك فكله من البهتان و هذا لو خفي على غيركم ما خفي عليكم ( ) .

( - تراجع هذه المجلة المجلد 7 عام 1935 م .
- انظر هذه الرسالة و رسالته رحمه الله إلى عبد الله بن سحيم و رسالة ابنه عبد الله في تكذيبهم لما نسب إليهم كتاب : البيان و الإشهار للشيخ فوزان الشابق رحمه الله ط الأولى عام 1372 هـ ص 82 – 84 و )
ثم قلت : و من رغبة الحكام و العلماء في المغرب التقصي نرى الحقيقة التالية :
1- تأثر بهذه الدعوة و اهتم بها و بمحتواها بعد الدراسة و العمق سلطان المغرب الأقصى : سيدى محمد بن عبد الله العلوي – جد الأسرة الحاكمة الآن :
حيث قام بمحاربة البدع في بلاده كما حارب تشعب الطرق الصوفية و دعا إلى الاجتهاد و إلى انتشار السنة لأنه ذلك الوقت من أقوى الحكام المسلمين و لأن بلاده قد اكتوت بنيران : الباطنية العبيدية و أصحاب البدع مع تفشي الجهل و الوهابية الرستمية الخارجية الباطنية علاوة على الغزو الصليبي للشمال الإفريقي بعد سقوط الأندلس في أيدي الإفرنج .
و قد ذكر محمد جمعه في كتابه : انتشار دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب أموراً من أعمال سيدي محمد بن عبد الله العلوي , فيما يتفق مع دعوة الشيخ محمد بن الوهاب و حرصهما على تنقية التوحيد من البدع و الشرك مع الله ( )
هذا السلطان هو الذي وصفه المؤرخ الفرنسي شارلي جوليان في كتابه : تاريخ أفريقيا الشمالية الذي ترجمه إلى اللغة العربية : محمد مزالي و البشير بن سلامه الذي مر بنا قبل قليل .
فقرأنا في الجزء الثاني قوله : و كان سيدي محمد و هو التقي الورع علم بواسطة الحجيج بانتشار الحركة الوهابية في الجزيرة العربية و تأييد آل سعود لها و قد أعجب بعباراتها و كان يؤثر عنه قوله " أنا مالكي المذهب وهابي العقيدة " و قد ذهبت به حماسته الدينية إلى الإذن بإتلاف الكتب المتساهلة في الدين و المحللة لمذهب الأشعرية و تهديم بعض الزوايا ( )

( رسائل الشيخ طباعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بمناسبة اسبوع الشيخ ابن عبد الوهاب مجلد الرسائل الخامس .
- يراجع هذا الكتاب طباعة دارة الملك عبد العزيز بالرياض .
- تاريخ أفريقيا الشمالية المنوه عنه 2 : 311 .)
- أما مؤرخ المغرب الأقصى : أحمد الناصري فإنه توسع في الجزء الثامن من كتابه التاريخي الاستقصاء في تاريخ المغرب الأقصى – ولابد أن يكون موجوداً ضمن محتويات هذه المكتبة – فقال : نعم
فلما أحضره فتحنا على أحداث عام 1226 هـ فإذا هو يقول في هذا العام حج جماعة من المغاربة صحبه المولى إبراهيم بن السلطان المولى سليمان , سلطان المغرب , الذي خلف و الده السلطان : سيدي محمد بن عبد الله العلوي , فقال ابنه المولى إبراهيم و من معه ما رأينا من ابن سعود ما يخالف ما عرفناه من ظاهر الشريعة و إنما شاهدنا منه ومن أتباعه ما به الاستقامة و القيام بشعائر الإسلام من صلاة و طهارة وصيام و نهي عن المنكر و تنقية الحرمين من الآثام ( ) ثم قلت لهم : هل من شهد له و أتباعه المولى بن السلطان سليمان و من معه من علماء بعد المناقشة في مكة أثناء الحج عام 1226 هـ حيث قال الناصري عن الطريقة المتبعة الركب النبوي الذي جرت العادة بخروجه من فاس على هيئة بديعة الاحتفال و كانت الملوك تعتني به و تختار له أصناف الناس من العلماء و الأعيان و التجار و القاضي و شيخ الركب و غير ذلك مما يضاهي ركب مصر و الشام ( ) .

هذا الركب بعلمائه ووجهائه بعد مناقشته مع الإمام سعود و العلماء هل يتفق مع عبد الوهاب بن رستم الخارجي الأباضي , صاحب الوهابية الأساسية التي جاءت عنها الفتاوى أم أنها فردية من أعداء دين الإسلام و صدقها بعض المسلمين دون تمحيص و لا روية و لا رجوع للكتب التاريخية و العقدية الموثقة ؟ !!

قالوا جميعاً : نحن معك و اقتنعنا ... لكن كيف غاب على الكثير من الباحثين ما رصد في مصادرنا مما لا يقبل الشك .
( - الاستقصاء لأخبار المغرب الأقصى للناصرى 8 : 120 .
- المصدر السابق ص 121 . )
قلت : و لكي أزيدكم و يستفيد منه من يطلع عليه من بعدنا فإن الناصري في تاريخه هذا قد غطى حيزاً كبيراً من أخبار هذه الدعوة بأكثر من عشر صفحات و سوف أزيدكم من قوله و هو من المؤرخين الموثقين عندكم و تاريخه من مصادر بلادكم المهمة .
قالوا : نعم
قلت : يقول الناصري عن السلطان سليمان بن محمد بن عبد الله العلوي الذي بويع في فاس في حدود عام 1226 هـ و قد كان معاصراً للإمام عبد الله بن سعود ووالده الإمام سعود بن عبد العزيز الذي دخل مكة المكرمة في المرة الأولى حاجاً عام 1214 هـ الموافق لعام 1799 م بأنه أراد أن يتحقق من ابن سعود وما يدعوا غليه فأرسل ابنه المولى إبراهيم في جماعة من علمائ المغرب و أعيانه و معه جواب من ولاده فوصلوا الحجاز و قضوا المناسك و زاروا الروضة الشريفة كل هذا على الأمن و الأمان و الر و الإحسان ثم أردف الناصري قائلاً : حدثنا جماعة وافرة ممن حج مع المولى إبراهيم في تلك السنة أنهم ما رأوا من ذلك السلطان – يعني الإمام سعود – ما يخالف ما عرفوه من ظاهر الشريعة و إنما شاهدوا منه ومن أتباعه غاية الاستقامة و القيام بشعائر الإسلام من صلاة و طهارة و صيام و نهي عن المنكر الحرام و تنقية الحرمين الشريفين من القاذورات و الآثام التي كانت بهما من غير نكير و أنه لما اجتمع بالشريف المولى إبراهيم أظهر له التعظيم الواجب لآل البيت الكريم و جلس معه كجلوس أحد أصحابه و حاشيته و كان الذي تولى الكلام معه الفقيه القاضي : أبو إسحاق الزرعي فكان من جملة ما قاله ابن سعود لهم : إن الناس يزعمون أننا مخالفون للسنة المحمدية فأي شئ رأيتمونا خالفناه من السنة و أي شئ سمعتموه عنا قبل اجتماعكم بنا ؟؟ .

فقال له القاضي : بلغنا أنكم تقولون بالاستواء الذاتي المستلزم لجسمية المستوى فقال له : معاذ الله إنما نقول كما قال الإمام مالك رحمه الله : الإستواء معلوم و الكيف مجهول و السؤال عنه بدعة و الإيمان به واجب .. فهل في هذا مخالفة ؟ ! . قالوا : لا ... و بمثل هذا نقول أيضاً ثم قال القاضي الزرعي له : و بلغنا أنكم تقولون : بعدم حياة النبي صلى الله عليه وسلم و حياة إخوانه الأنبياء عليهم الصلاة و السلام في قبورهم .... فلما سمع ذكر النبي لى الله عليه وسلم ارتعد و رفع صوته بالصلاة عليه و قال معاذ الله إنما نقول : إنه صلى الله عليه وسلم حي في قبره و كذا غيره من الأنبياء حياة حياة فوق حياة الشهداء .

3- ثم في نهاية هذا الحديث قال الناصري : و أقول إن السلطان المولى سليمان رحمه الله كان يرى شيئاً من ذلك و لأجله كتب رسالته المشهورة التي تكلم فيها عن حال متفقرة الوقت – و يعني بهم رهينة الصوفية – وحذر فيها رضي الله عنه , من الخروج عن السنة و التغالي في البدعة و بين فيها آداب زيارة الأولياء و حذر من غلو العوام في ذلك و أغلظ فيها مبالغة في النصح للمسلمين جزاه الله خيراً .
كما قال : إن المولى سليمان قد حدد خطبة تحث على التوحيد و محاربة البدع و أمر بتوزيعها على مساجد الجمعة كما أمر بإغلاق زوايا الصوفية ( )
و بعد الحوار الذي دار في أمور كثيرة مما نسب لهم قال الناصري : ثم قال صاحب الجيش : هذا ما حدث به أولئك المذكورون سمعنا ذلك من بعضهم جماعة ثم سألنا الباقي أفراد فاتقف خبرهم على ذلك ( )
ثم قلت : هذه بعض الحقائق المقرونة بالحوار و الرصد و كما وعدتكم بعدم الخروج عما هو محيط منطقتكم حيث نشأت الوهابية الحقيقة و حيث لبس عليكم و على من المسلمين أمر و حقيقة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التي قام بنشرها آل سعود .

و إلا فإن الشيخ محمد كما يتضح من رسائله وردود التي طبعتها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كما مر بنا نماذج منها فيها نفي و تفنيد لما ألصق بدعوته من تهم و أكاذيب لم يقلها بل قد نفاها و كرر مراراً القول : هذا بهتان عظيم ( )

( - الاستقصاء ج 8 ص 121 – 122 .
- المصدر السابق .
- يراجع في هذا الجزء الخامس من مجموع الشيخ محمد بن عبد الوهاب الذي نشرته جامعة الإمام و هو خاص بالرسائل و الردود .)
4- أما الدكتور عباس الجراري و هو من هنا من المغرب – و لست أدري هل اطلعتم على محاضرته في عام 1399 هـ بجامعة الرياض – جامعة الملك سعود حالياً – التي قال فيها : إن التيار السلفي في المغرب قد ظهر مرة أخرى في بداية القرن الرابع عشر الهجري حيث وجه السلطان الحسن عام 1300 هـ رسالة إلى الشعب المغربي و قد نوه عن هذا الناصري أيضاً كما حصل مثل ذلك عام 1185 هـ عندما أرسل الإمام عبد العزيز بن محمد , الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الحصين , إلى والي مكة آنذاك لمناظرة علماء مكة فكان من علماء مكة المشايخ : يحيى بن صالح الحنفي , و عبد الوهاب بن حسن التركي مفتي السلطان , و عبد العزيز بن هلال , فتفاوضوا في ثلاث مسائل , وقت المناظرة ظهرت منها لهم الحقائق المقنعة بسلامة هذه الدعوة .
ثم قلت : إن علماء مكة ذلك الوقت عندهم شبهة كما هي لدى علماء المغرب و غيرهم حسبما يتردد من إشاعات و ما يصلهم من أكاذيب و افتراءات ينشرها المغرضون .
و بعد ما دخل الإمام سعود بن عبد العزيز مكة ثانية , جرت مناظرات و اجابات على تساؤلات وكان من علماء نجد : الشيخ عبد العزيز الحصين , و الشيخ حمد بن ناصر بن معمر , الذي عينه الإمام سعود قاضياً و مفتياً بمكة حتى توفي بمكة بعد ذلك فحصلت القناعة من علماء مكة و صدر بهذا وثيقة وقتها الجميع بنفي الشبهات و الأكاذيب حول الدعوة و طبعت عدة مرات.
ثم في عهد الملك عبد العزيز بعد ما دخل مكة عام 1343 هـ حصل مثل ذلك مما أوجد قناعة بسلامة منهج الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله .

و أزيدكم علماً بأن القباب المبنية على القبور في مكة هدمت أيام الشريف عون الرفيق ما عدا قبر السيدة خديجة في الفترة ما بين الدولة السعودية الثانية و قيام الملك عبد العزيز لإعادة الدولة السعودية في دورها الثالث كان ذلك الهدم بمشورة الشيخ أحمد بن عيسى و تأييد من الشريف و بعض علماء مكة مما على القناعة ( )

ثم قلت : أيها الاخوة مما دار من نقاش و مما مجدنا من نصوص نرى أن الوهابية لعيوبها نسبتها إلى دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية خطأ محض و أن الوهابية التي أصدرت عنها الفتاوى في كتبهم لا علاقة لها بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب و لا تقارب بينهما لأن الخطين المتوازيين لا يلتقيان .
ذلك أن الشيخ محمد و تلاميذه يمقتون الوهابية الرستمية كما مقتها علماؤكم من قبل ... لأن دعوة الشيخ محمد سلفية و لا يوجد فيها ما يخالف كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
كما برز أمامنا : أن علماء المغرب برأوا علماء الدعوة و حكام آل سعود الذين ناصروها و إحياء لدين الله و تجديداً لما اندثر من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم و إماتة للبدعة عندما تناظروا معهم في حج عام 1226 هـ و ظهر لهم كذب ما نسب للشيخ و الدعاة لدين الله و على هذا بان لنا أن أربعة من سلاطين المغرب الأقصى و اهتموا بهذه الدعوة و تبنوا نشرها في بلادهم و هم : -

1- المولى السلطان : سيدى محمد بن عبد الله العلوي الذي كان معاصراً للإمام عبد العزز بن محمد و تبلغ رسالة الإمام سعود .
2- المولى السلطان : سليمان بن محمد بن عبد الله العلوي أوفد العلماء مع ابنه المولى إبراهيم , و تناقش مع الإمام سعود بن عبد العزيز و علماؤه مع علماء الدعوة .

( - تراجع ترجمة الشيخ أحمد العيسى في كتاب ابن بسام علماء نجد خلال ستة قرون الجزء الأول . )
- المولى السلطان : إبراهيم بن سليمان بن محمد بن عبد الله العلوي الذي تسلم زمام الأمر بعد أبيه السلطان سليمان .
4- المولى السلطان : الحسن الأول في عام 1300 هـ ووقته فترة بين الدولة السعودية الثانية و الدور الثالث لهذه الدولة الذي قام به الملك عبد العزيز من خمسة شوال عام 1319 هـ .

كما أن الدكتور محمد تقي الدين الهلالي – رحمه الله – اهتم بهذه الدعوة و هو حسني من العائلة المغربية الحاكمة و قد كان تيجانياً ثم لما عرف حقيقة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – حرص على نشرها في كل مكان ذهب إليه حتى أستقر آخر عمره في المغرب بفاس ثم تحول إلى الدار البيضاء حتى توفي رحمه الله و قد ألف رسالة عن التيجانية و بطلانها و مثله الشيخ عبد الرحمن الإفريقي الذي كان سنغالياً تيجانياً فتركها و ألف في ذمّ ما هم عليه .
كما جرت كتابات عديدة عن محاكمة السلفية في المغرب و عن انتشارها و تأثر قادتها بعلماء الحجاز و نجد , من ذلك التاريخ حتى اليوم و قد رد الأستاذ أحمد العماري الذي حقق رسالة الوتري وقال : إن تحامله على السلفية تزمت شديد للطرقية على حساب السلفية و المحقق مغربيّ .
ثم قلت : أرجو أن يكون في ذلك مقنع كفاية و إن أردتم زيادة توضيحية أكثر سواء بنقل آراء العلماء من العالم الإسلامي أو بوجهات نظر و تحليل المستشرقين من بلاد الغرب الذين راقبوا الأحداث و تتبعوا مسيرة الدعوة فلا مانع .... لكن ذلك يحتاج إلى مصادر قد لا تتوفر هنا .
لذلك اقتصرت على علماء المغرب و حكامهم لأن طارحي الشبهة الآن مغاربة حيث يسهل الرجوع للمصادر من هذه الكتبة و ذلك أقرب إلى القناعة أخذاً من قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه : خاطبوا الناس بما يعرفون حتى لا يكذب الله و رسوله .

و قال صاحبنا : كل ما ذكرت مقنع وواقعي و أزال بحمد الله الشبهات التي كانت تثار فما رأي الاخوة قالوا : هذا صحيح ثم أردف قائلاً لكن كيف أن هذه الإجابات المقنعة بين أيدينا و سهلة التناول و غاب عنا استجلاؤها .

قلت له : جوابه عندكم ... وطالب العلم مسئوليته أمام الله عظيمة فليس هو كالجاهل الذي يلقى إليه الأمر ويصدق إذ يجب أن لا يحكم طالب العلم على أمر إلا بعد البحث و الاستقصاء فالعامي و نصف المتعلم إن وجد له عذر إلا أن طالب العلم و الأستاذ الجامعي لا يعذران لأن كل منهما قدوة لغيره و لأن طلابه يأخذون عنه و ينتظرون توجيهه و غزالة الشبهات من أمامهم

قال : هل من الممكن أن تكتب بهذا الخصوص في صحيفة النور التي تصدر في تطوان بالمغرب مقالاً قلت : نعم .... ثم بعد أن عدت إلى المملكة بعثت لهم موثقاً بمصادره ..

و بعد أن نشر هذا المقال جاءتني رسائل إجابية و سلبية عن صدى ما نشر عن الوهابية ... فالذين تحدثت معهم رغبوا في زيادة المقالة حتى تصبح رسالة تضم معلومات أوسع ليمكن طبعها هناك .

و قد استجبت و تم ذلك – بحمد الله – و حرصت على عدم الإطالة مع الإشارة للمصادر حتى يسهل على راغب الزيادة و الحريص على توسيع المدرك معرفة الكتب المعينة له في إشباع رغبته .
و قد طبعت هذه الرسالة للمرة الأولى في كتيب في تطوان بالمغرب في حدود عام 1407 هـ كما طبعت ثانية بعد ذلك بعدة سنوات في الرياض عام 1413 هـ
وما ذلك إلا أن أعداء الإسلام و الراغبين في فرقة المسلمين و أصحاب المآرب الخاصة أعاذ الله المسلمين من شرهم قد وجدوا في الوهابية الرستيمة ثوباً جاهزاً ألبسوه عاجلاً هذه الدعوة السلفية الصحيحة في مقصدها و دعوتها خوفاً من تجمع المسلمين ضدهم حيث يريدونهم مثل الجياع الذين يلاحقون من يطعمهم كالأيتام على مائدة اللئام .

هذا من جانب و للتنفير و بث العداوات بين أبناء المسلمين من جانب آخر و ليحققوا مآربهم بتوسيع دائرة الخلافات و لإثارة الشبهات في المجتمع الإسلامي .

و قد كان من المصالح التي تحققت – بحمد الله – من هذه الرسالة بعد طبعها للمرة الثانية أن أكثر من شخص من المرموقين أخبرت عنهم بأنه قد مرت بهم مواقف في الجمهوريات الإٍسلامية المنفصلة عن الإتحاد السوفييتي بعد انحلال الشيوعية لأن فتوى انتشرت هناك مستغل مروجها حماسة السكان إسلامياً و قصورهم في فهم العقيدة الصحيحة و المعارف الإسلامية تقول هذه الفتوى : إن قتل وهابي واحد أفضل من قتل مائة يهودي حتى صار السلفي لا يسير منفرداً .
فجمع بعضهم ببعض العلماء و أئمة المساجد هناك أوضحوا لهم عن الوهابية الرستمية و عن حقيقة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وفق ما جاء في هذه الرسالة فكان من ذلك جلاء للغشاوة و إزالة الشبهة بتصحيح المفهوم و قد ترجمت للغات المحلية هناك فنفع الله بها .
و الذي يجب أن يدركه كل مسلم مخلص أن الأعداء لا يكلون و لا يملون من ترديد شبهاتهم و لكن المعرفة و التعليم ورد الأمور في دين الله إلى أصولها من كتاب الله و سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين هما وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنهم إذا تمسكوا بهما لن يضلوا ( ) و هما السلاح لمن يريد أن يجابه مكائد الخصوم و سموهم .

كما أن الدارسين لهذه الدعوة خرجوا بنتيجة : -
1- أنها ليست حزباً له تنظيماته : و إنما هي تجديد لدين الله على خطى رسول الله صلى الله عليه وسلم و أصحابه الكرام و سلف هذه الأمة الأخيار .
2- أنها ليست مذهباً يخالف به معتنقوه المذاهب الفقهية المعروفة .
3- أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب سلفي العقيدة شأنه شأن من يدعو إلى منهج السلف الصالح في كل عصر و مصر , يدعو إلى توحيد الله و إخلاص العبادة له سبحانه .
4- أما مذهبه في الفروع فهو على مذهب الإمام أحمد بن حنبل مثلما أن هناك أحنافاً سلفيون و شوافع سلفيون و مالكية سلفيون .


( - يراجع في هذا خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع. )
و قد بان لنا من هذا الحوار أن أحد سلاطين المغرب وهو المولى السلطان : سيدي محمد بن عبد الله العلوي قال عن نفسه : " أنا وهابي العقيدة مالكي المذهب " ( ) و هو لا يقصد الوهابية الرستمية و إنما يرد بذلك على من وصم دعوة التوحيد الخالص لله بهذا النعت .

و مثله قال : عمران بن رضوان , و هو من علماء بلدة لنجه بإيران في الجهة الشرقية من الخليج : أنا وهابي لما بلغته دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب و هو حنفي المذهب و قيل شافعي و قد مدحها بقصيدة منها هذا البيت :
إن كان تابع أحمد متوهباً فأنا المقر بأنني وهابي
و الأمير الشيخ الصنعاني : محمد بن إسماعيل , وهو من اليمن وجيهاً و عالماً و مع أن مذهبه الفقهي زيدي فإنه درس هذه الدعوة و أحبها و مدحها و مدح الشيخ بقصيدة بدأها بقوله : -
سلام على نجد و من حل في نجد و إن كان تسليمي على البعد لا يجدي
و مثله الإمام الشوكاني من اليمن أيضاً . ( ) .

و الشيخ الدكتور محمد تقي الدين الهلالي رحمه الله الذي مر بنا ذكره و هو من علماء المغرب و حسني ينتمي للعائلة المالكية يقول عن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ضمن قصيدة : -

نسبوا إلى الوهاب خير عبادة فياحبذا نسبي إلى الوهابي
و قد استعنت بالله في إخراج هذه الرسالة المختصرة " تصحيح خطأ تاريخي حول الوهابية " حتى تسهل القراءة لأن المطولات في هذا العصر قد لا تقرأ إلا من ذوي الاختصاص و أرجو أن تتحقق منها الفائدة في إزالة اللبس و تنقشع الغشاوة التي أراد بها أعداء الإسلام و الراغبون في الإضرار بالمسلمين بلبلة الأفكار و بث الفرقة ... لعل الله أن يصحح المفاهيم و ينير الأذهان و الله غالب على أمره و لكن أكثر الناس لا يعلمون .

( - انظر تاريخ أفريقيا الشمالية لشارلي جوليان ترجمة محمد مزالي و البشير بن سلامة 2 : 311 .
- يراجع في هذا ما ذكره الشيخ ابن سحمان في الدرر السنية و بها القصائد . و كتاب الدكتور عبد الله أبو داهش و هو من أدب الدعوة في جنوب الجزيرة – رسالة دكتوراه .)

والمضوع له تابع في نفس العنوان بالاضافه رقم 2

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 16-03-2011, 03:24 AM
امبراطوري امبراطوري غير متواجد حالياً
 عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 672
تصحيح خطأ تاريخي حول الوهابية 2

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

د . محمد سعد الشويعر

المقدمة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فلقد كان بحمد الله لمقالي الذي نشرته منذ أربعة أعوام حول تصحيح مفهوم تاريخي أثر طيب، عن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وأنه لا علاقة للوهابية الرستمية بالدعوة السلفية التي جددها الشيخ محمد رحمه الله.
وقد كانت مبادرة من أستاذ كريم بإحدى جامعات المغرب الشقيق طالباً المزيد من التفصيل لذلك الموضوع.
وهذه الرسالة الموجزة ما هي إلا استجابة لمطلبه، وتوضيحاً لمكانة قادة وعلماء المغرب من الرغبة الأكيدة بالدفاع عن هذا الدين، وتحرى الأصوب فيما يتجهون إليه.
وقد حاولت أن تكون وجهة النظر التي أطرح في هذا البحث مستندة على مصدر معتمد في نقل الأحداث. وقد حققت الطبعة الأولى من هذا الكتاب تجاوباً حسناً، ورغبة في استجلاء الحقيقة التي حرصت على تجليتها خدمة للعلم، وأداء للأمانة، وتأليفاً للقلوب في مسيرة الإسلام الخيرة التي رسم معالمها سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم قبل أربعة عشر قرناً وتوفي بعد أن ترك أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك. كما قال صلى الله عليه وسلم وهأنذا أقدم للقارئ الكريم الطبعة الثانية مزادة ومنقحة جعل الله الحق رائدنا، والحقيقة منطلقنا، والألفة تجمعنا، والجنة مستقرنا وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

محمد الشويعر
الرياض في 15/5/1409هـ
ويتبع رقم 3 نفس العنوان

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 16-03-2011, 03:48 AM
امبراطوري امبراطوري غير متواجد حالياً
 عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 672
تصحيح خطأ تاريخي حول الوهابية 3

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تمهيد :-

إذ كان المثل يقول الناس أعداء ما جهلوا ... فإن بعض الناس أيضاً أعداء ما خالف شهواتهم و تعارض مع مصالحهم الشخصية .

و الحكم الفصل فيما يجب أن ينطلق منه الفرد في رأيه و حكمه هو عرض الأمور على مصدر التشريع السماوي الذي لا يأتيه الباطل و لا يتطرق إليه الشك .

و المسلمون في كل مكان مأمورون قبل انطلاقهم نحو وجهة نظر معينة في أمور العقيدة و كل ما له صلة بالدين و قبل القدح أو المدح أن يرجعوا لمصدري التشريع في دينهم و هما :
كتاب الله و سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم .
فمن أتى بشيء يخالفهما نبذ و من سار وفقهما قولاً و عملاً أيد و نصر .

هذا حكم فيما يجب أن يكون عليه الفرد المسلم و هو الوعي و الإدراك و التحليل و التأكيد بحيث لا يكون إمعة ينقل صدى الآخرين و يستغله أعداء دين الإسلام و هو لا يدري .
و قصة بني المصطلق التي نزل بشأنها قرآن يتلى حيث يقول جل و علا { يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعتم نادمين } ( ) فيها درس عملي للفئة المؤمنة التي تحرص على دينها و علاقاتها بإخوانها المؤمنين بأن تتوثق من كل إشاعة ترمي إلى خلخلة الصف و بذر الشحناء و إتاحة الفرصة للفرقة .

فما اكثر الأعداء الذين يحاولون الغرر بالمسلمين و إيجاد مبررات التخاذل لمباعدتهم عن حقيقة الإسلام و صفاءه و إدخال أشياء على المسلمين في دينهم هي من جذور طقوس الديانة

( - سورة الحجرات آية رقم 6 . )

اليهودية و النصرانية التي أفسدت حقيقة تلك الديانات السماوية من قبل بما دخلها من تبديل في محاولة دؤوبة لبثها في صفوف المسلمين عن طريق بعض عبادهم و علمائهم .
و هدفهم من هذا أن يتساووا معهم في المعصية و المخالفة ليسهل بذلك النفاذ إلى المجتمع ثم عن هذا الطريق إدخال أشياء تباعد المسلمين عن الإسلام و مع الزمن و التساهل تتسع الشقة و يكثر البعد فيصبح الإسلام غريباً على أبنائه .

يروى عن سفيان الثوري ( 97 – 161 هـ ) رحمه الله أنه قال: "من فسد من علماء المسلمين ففيه شبه باليهود الذين معهم علم و لم يعملوا به و من فسد من عباد المسلمين ففيه شبه بالنصارى الذين يعبدون الله على جهل و ضلال" نسأل الله السلامة و العافية ( ) .

و من هنا جاءت نقاوة الإسلام في التشريع و صفاؤه في العقيدة وسطاً في العمل ووسطاً في القول ووسطاً في الاعتقاد و قمة في العلاقة مع الله و قد جعل الله أمة الإسلام وسطاً بين الأمم في كل شئ قال تعالى { و كذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس و يكون الرسول عليكم شهيداً } ( )

فأمة الإسلام وسط بين رهبانية النصارى و غلوهم في عيسى عليه السلام اعتقادا و في عبادتهم بالضلال و الجهل و اتباعهم لرجال الكنيسة بدون فهم أو مناقشة .
و بين تحايل اليهود و كذبهم و ادعائهم على الله جل و علا و أنبيائه عليهم السلام بما تصف ألسنتهم و تعمدهم الضلال و الإضلال و إخفائه للحقائق العلمية و العقيدة في الديانة التي جاءتهم من عند الله على ألسنة الأنبياء و الرسل من باب الإفساد و المخالفة .

و التاريخ الإسلامي يشير إلى أن الجهل فشي في المجتمعات الإسلامية في نهاية الخلافة العباسية بعد ما كثرت العجمة و قل العلم و تأثر الناس بفلسفة الرومان و علوم فارس و الهند .

( - بعضهم ينسبه لغياث بن عيينه رحمه الله .
- سورة البقرة الآية 143 وراجع أقوال سيد قطب في الظلال على دلالة الوسط . )

و قبل ذلك و في أثناءه كان التأثر في أطراف الدولة أكثر حيث نشأت فرق كثيرة لها معتقدات متباينة و نماذج شتى في الاتجاه و الهدف وضع بذورها اليهودي عبد الله بن سبأ الذي أسلم مخادعة حتى وجد فرصة ملائمة لبث روح الفرقة بين المسلمين في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه .
و نشأت أول فرقة باسم الفرقة السبأية و هو الذي أسسها.

و قد تحدثت بعض الكتب كالملل و النحل للشهرستاني و الفصل في الملل و الأهواء و النحل لابن حزم و شيخ الإسلام ابن تيميه في فتاواه و كتبه عن تلك الفرق و معتقداتها و كيفية نشأتها و ما تخالف فيه أهل السنة و الجماعة .
و يمتاز ابن تيميه رحمه الله بالرد على بعض تلك الفرق و التنويه عن معتقدات أصحابها و أعمال البعض الآخر .

و من يتبع الحركات الفكرية و العقيدة الإسلامية في العالم الإسلامي منذ ذلك التاريخ يلمس هذا جيداً حيث برز الصراع الفكري في المجتمع على أعقاب تعلق بعض المسلمين بفلسفة اليونان و علوم فارس و الهند .
و المجتمع الإسلامي لا يعدم وجود أناس يدركون ما تنطوي عليه تلك الأفكار و ما يندس في ثناياها من معتقدات وافدة على عقيدة الإسلام الصحيحة النقية فيصححون لمن حولهم ما أدخل في بيئتهم و ما يراد لعقيدتهم لأن جميع الملل و النحل في الأرض تريد أن تضل المسلمين عن دينهم الحق إن استطاعوا. قال تعالى { و لا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا } ( ) .

و هذه حكمة أرادها الله في صراع الحق بالباطل لتسترشد العقول و تتفهم الأفئدة فيرجع للصواب من الله به خيراً لأن الحق واضح بالدليل النقلي و العقلي .

( - سورة البقرة 217 . )

و هذا جزء من مهمات الدعوة و التوضيح التي حمل بها بنوا إسرائيل و تخلوا عنها عناداً و مكابرة فكان لزاماً على علماء المسلمين العارفين الخائفين من عقاب الله و نقمته الأنبراء لدعوة الناس إلى المنهج المحمدي في العقيدة و العبادة و تصحيح المفاهيم العقدية حسبما أمر الله في كتابه و دعا إليه نبيه الكريم ثم ما سار عليه أصحابه و من تبعهم بإحسان امتثالاً و تطبيقاً .
و لا تعدم كل دعوة سليمة و صحيحة في كل زمان و مكان و جود أعداء و خصوم إما عن جهل أو لتعصب شخصي أو لمآرب خاصة و مصالح ذاتية " فالهوى يعمي و يصم " فيحرك تلك النوازع أمثال هؤلاء ليشهروا السلاح في وجه الإسلام علانية أو بالاستتار فيلصقوا التهم ضد الدعاة المخلصين و يستعينوا بالكذب و الافتراء لبلبلة الأفكار ثم بوضع الألقاب المنفرة لنزع الثقة من هؤلاء الدعاة حتى يعمي الأمر على الغالبية العظمى من الناس و هم العامة الذين لا يقرؤون و لا يبحثون .

و دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية التصحيحية التي نبعت من وسط الجزيرة العربية في القرن الثاني عشر في وقت كان المسلمون - لا في الجزيرة العربية وحدها بل في كل مكان أحوج ما يكونون إليها لإنقاذهم من الجهل الذي ران عليهم و تصحيح مفاهيمهم في أمور العقيدة و العبادات التي أشدها الجهل بأمور الدين و الإقتداء بعلماء يجهلون أمور دينهم كما أخبر بذلك الصادق المصدوق فيما يخشاه على أمته من العلماء المضلين الذين يفتون بغير ما أنزل الله فيضلون و يضلون في قوله الكريم " إن الله لا ينزع العلم بعد ما أعطاكموه انتزاعاً و لكن ينتزعه مع قبض العلماء بعلمهم فيبقى ناس جهال فيستفتون فيفتون برأيهم فيضلون و يضلون " ( ) .

فقد جاءت دعوة الشيخ محمد لإزالة ما علق بتعاليم الإسلام من شوائب و تصحيح ما أدخل على التوحيد و خاصة توحيد الألوهية و توحيد الأسماء و الصفات من مشاركة للمخلوق مع الخالق في صرف ما هو لله جل و علا مقروناً بالمخلوق في العمل و الاعتقاد و تعطيل أسماء الله و صفاته جل و علا أو نفيها و السير خلف تأويلات ما أنزل الله بها من سلطان .

( - رواه البخاري عن عروة عن عبد الله بن عمرو بن العاص . )

فصار التوحيد بأقسامه الثلاثة : الربوبية و الألوهية و الأسماء و الصفات مشوباً بما يكدره حيث دخل عليها في المعتقد ما يصرفها عن حقيقتها نظراً للتأثر بالمعتقدات البعيدة عن المنهج الذي جاء به المصطفى صلى الله عليه وسلم ثم الإقتداء بأصحابها بعد أن بهرهم القول و أعجبهم المظاهر و الدعوات لأمثال من قال الله فيهم { و من الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا و يشهد الله على ما في قلبه و هو ألد الخصام و إذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها و يهلك الحرث و النسل و الله لا يحب الفساد } ( ) .
وما ذلك إلا لأن النفوس خليت من القاعدة المكينة و هو العلم و الإدراك بما شرع الله لخلقه و معرفة الحكمة من إيجادهم للحياة .
لقد نشأ عن ذلك الضعف العلمي و نقص في الإدراك و تقليد للأمم الغلبة و المؤثرة فكثرت الطرق الصوفية التي بدأت برغبة دينية و حرص على التبتل و المحافظة على الإسلام فكانت بدايتها طيبة و هدفها نبيل .

إلا أن الجهل و رغبة التوارث لهذه المكانة الاجتماعية التي جاءت باسم المنصب الديني قد جاء برجال لا علم عندهم و لا قدرة لديهم في فهم رأي الشريعة الإسلامية في كثير من الأمور و هذا ما كان يخشاه صلى الله عليه وسلم على أمته .

ومن ينظر في إزالة الحجب و رفع التكاليف و أعمال المريدين و الأقطاب عند الطرق الصوفية و يربط هذا بالغفران لدى النصارى و مكانة أصحاب الألقاب في الكنيسة و طقوس الميلاد و صكوك الغفران يرى أن أحدهما استمد من الآخر في هذه الجوانب و في جوانب أخرى .

و لكي يعود للإسلام نقاوته و صفاؤه من كل شوائب دخيلة عن جهل أو تقليد سواء من الديانة اليهودية أو النصرانية أو من جذور الجاهلية فإنه لابد من الامتثال لأمر الله جل و علا

( - سورة البقرة آية 204 – 205 . )

مثل قوله سبحانه { و لن ترضى عنك اليهود و لا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى و لئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي و لا نصير } ( ) .
و إن علماء المسلمين العارفين بأمور دينهم فهماً حقيقياً لهم الذين عليهم دور التوضيح و الإرشاد و التوجيه و التبيين حسبما يأمرهم بهذا مصدر التشريع في الإسلام كتاب الله و سنة رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم الصحيحة الثابتة التي خدمنا فيها علماء الحديث المعروفون .
و هذا ما يجب أن يعيه كل داعيه و يهتم به كل عالم من علماء المسلمين .

و في تاريخ الدعاة و المصلحين صفحات مشرقة نتيجة اهتمامهم و انطلاقهم في دعوة الناس من ذلك النبع الصافي الفياض و المعين الزاخر الذي لا ينضب .

و الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله واحد من ذلك الجيش الذي انتهج طريقاً يتفق مع رسالة الصفوة الأولى من التابعين و اتباعهم بإحسان للإصلاح و العم فقد أدرك ما يعيش فيه مجتمعه من صوفية متطرفة رغم وفرة العلماء و ما سار عليه أبناء جلدته من تعلق بالقبور التي لا تنفع و لا تضر و تبرك بالأحجار الجامدة ووضع الكلام في غير محله .

فكان الناس يتعقلون بتلك الجمادات طلباً للنفع أو دفعاً للضر و نسوا أن الله هو النافع الضار القادر على كل شئ و إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً لوجهه الكريم .

لقد شق هذا الأمر عليه لما فيه من جرأة على الخالق بصرف القلب و العمل إلى غيره مع أنه هو المنعم و المتفضل سبحانه بكل شئ .

و يمكن وصف حالة المجتمع الإسلامي في كل مكان ذلك الوقت و ليس في نجد وحدها بما قاله المؤرخ الأمريكي لوثروب ستودارد بمثل هذه الكلمات " أما الذين غشيته غاشية سوداء فألبست

( - سورة البقرة آية 120 .)

الوحدانية التي علمها صاحب الرسالة سجفاً من الخرافات و قشور الصوفية و خلت المساجد من أرباب الصلوات و كثر عدد الأدعياء الجهلاء و طوائف الفقراء و المساكين يخرجون من مكان إلى مكان يحملون في أعناقهم التعاويذ و يوهمون الناس بالأباطيل و الشبهات و يرغبون في الحج إلى قبور الأولياء و زينوا للناس الشفاعة من فناء القبور و غابت عن الناس فضائل القرآن فلو عاد صاحب الرسالة إلى الأرض في ذلك العصر و رأى من كان يدعي الإسلام لغضب " .

هذه – كما قال الشيخ عبد الله خياط إمام و خطيب الحرم المكي الشريف – شهادة حق من عدو منصف لم يعرف عنه الدخول في الإسلام يصف واقع الإسلام و المجتمع الإسلامي في القرن الثاني عشر الهجري و ما وصل إليه من الانحطاط و التدني ( )

و يقول الأمير شكيب أرسلان عن هذا المؤرخ : لو أن فيلسوفاً من فلاسفة الإسلام أراد تشخيص حالة الإسلام في هذه القرون الأخيرة ما أمكنه يصيب المحز و يطبق المفصل , تطبيق هذا الكاتب الأمريكي استودارد .

و نجد و الجزيرة العربية لم تكن تختلف عن ديار الإسلام في ذلك الوقت فقد تغلب الباطل على الحق في أكثر ديار الإسلام و كثرت البدع و الخرافات فالعلماء موجودون و لكنهم لا يرشدون الناس للطريق الأقوم بل أضلوهم و أفسدوا عقائدهم.

و قد ذكر المؤرخان النجديان : حسين بن غنام الإحسائي ثم النجدي المتوفى عام 1225 هـ , و عثمان بن بشر المتوفى عام 1290 هـ , نماذج مما آلت إليه حالة الناس في العقيدة و العبادة في البلاد الإسلامية و العربية و في نجد بصفة خاصة باعتبارهما يعرفان عن كثب و عرفا واقع الناس و ما هم فيه .

( - ضمن مقال نشر لفضيلته في عكاظ في شهر جمادى الأولى من عام 1404 هـ و انظر كتاب الإمام محمد بن عبد الوهاب للأستاذ عبد الله بن رويشد ج 2 ص 245 – 246 نقلاً عن كتاب " حضارة العالم الإسلامي " .)

فابن غنام عاصر الدعوة من بدايتها و أدرك دور الشيخ محمد و مكانته في نقل الناس من حال إلى حال و تفانيه في سبيل الدعوة . قد أحب هذه الدعوة و أرخ لها و انتقل من أجلها من بلدة الأحساء و سكن الدرعية , حيث توفي بها , نراه في كتابه التاريخي يصف البلاد العربية عامة و نجد بصفة خاصة و يضرب الأمثال بانحراف الناس إلى الوثنية بقبر زيد بن الخطاب الذي كان عليه قبة وله مزار في بلدة الجبيلة قرب الرياض إلى جانب قبور و قباب أخرى لبعض الصحابة الذين قتلوا في حروب الردة ثم ذكر ما كان يعتنق الناس عندها من الشرك بالله من دعاء و نذور و تبرك و توسل من دون الله و لم يقتصر الأمر على القبور بل تعداها إلى الشجر و الحجر و الشياطين ( ).

و نأخذ من تاريخ ابن غنام الذي عاصر الأحداث و سجلها فكرة و من تاريخ خلفه ابن بشر الذي أدرك كثيراً من مجريات الأحداث بأن نجداً قد نالها ما نالها من بلاد الإسلام من الانحراف و التدهور العقدي ( ) , الذي يحركه أصحاب المصالح و مشايخ الطرق .

و من هنا بدأت غيرة الشيخ محمد و تحركت همته للدعوة أداء لرسالة المعرفة و تنفيذاً لما يأمره به العلم حيث رأى أن العلم لا بد أن يقترن بالعمل و أن الأمانة توضيح ما خفي على الناس و ما يجب عليهم عمله و يتحتم عليه تركه من أمور هي من الإسلام تركت و أشياء أدخلت عليه و سارت في حياة الناس على أنها من مستلزمات العقيدة أو جزء من أوامر الدين و هم لا يدركون الحقيقة .

ذلك أن العلماء المنتفعون أو الجهلة المتعالون و رجال الطرق الصوفية قد لبسوا الأمر و أفسدوا المعتقدات و صرفوا الناس عن الفهم الحقيقي لشرائع الإسلام و وجهوهم إلى ما يحلوا لهم في المكتسب الدنيوي و الاستعلاء في السيادة .

( - راجع تاريخ ابن غنام ج 1 ص 5 – 18 .
- راجع تاريخ ابن بشر : عنوان المجد في تاريخ نجد ج 1 ص 34 – 35 . ص 44 –45 .)

فكان يقيناً أن تلقى هذه الدعوة التصحيحية السلفية جحوداً و نكراناً من المقربين العارفين و توجساً و خيفة من الآخرين المتطلعين و عداء من الخصوم و أرباب المصالح .

و من هنا بدأت الاتهامات تتوافد و السهام تشرع و الأفكار تعمل لحبك الأكاذيب و اختراع الألقاب المنفرة .

و هذا شئ ينتظر في كل أمر جديد و فكر مناهض لما ألفه الناس و ساروا عليه قولاً، و عملاً فقديماً قال عرب الجاهلية للنبي صلى الله عليه وسلم " إنا وجدنا آباءنا على أمة و إنا على آثارهم مقتدون " ( ) .

لكنه غير مقبول بعد انتهاء فترة الاختبار و ظهور الحجة الساطعة بعد البلوى و الامتحان و بعد النقاش و الحوار و المداولة و المجادلة .

فقد أثبتت المراسلات الهادئة و الكتابات الهادفة و آراء العلماء المتزنين الذين حاوروا في مكة مجموعة من علماء الدعوة بأن الإمام سعود بن عبد العزيز الذي سار على دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لم ينتهج أمراً بدعاً و لم يخالف في دعوته ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم و أن الشيخ محمداً لم يستدل في كتبه بغير الآيات القرآنية الكريمات و الأحاديث النبوية الصحيحة حسبما دار من حوله بين علماء مكة و علماء نجد ذلك الوقت و بين ابن سعود و علماء نجد من جانب و علماء المغرب من جانب آخر عام 1226 هـ كما رصد ذلك في تاريخ المغرب ( ) .

و سوف أستعرض في هذا البحث أسماء بعض العلماء من نجد الذين ناوؤوا دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب و خرجوا من نجد يحملون العداء للدعوة و الكذب عليها و تشويهها أمام

( - سورة الزخرف آية 23 .
- راجع في هذا الكتاب الإعلام بمن حل بمراكش و أغمات من الأعلام ج 10 ص 70 – 71 , و كتاب الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى ج 8 ص 120 – 122 . و انظر البيان المفيد فيما اتفق عليه علماء مكة و نجد من عقائد التوحيد الطبعة الأولى عام 1244 هـ .)

المسلمين فاقتنع بكلامهم و دعواهم البعيدون و تأثروا بمقالاتهم بينما لم يعرفوا عن الدعوة شيئاً من غير هذا الجانب و لم يدركوا سبب الافتراء عليها و مبررات الكذب و البهتان ضد الشيخ محمد و دعوته.

و قد نلتمس لبعض العلماء في ديار الإسلام عذراً إذ جاءهم أناس من أبناء المنطقة يجأرون إليهم و يصفون الدعوة بنعوت قد توافق أهواء في النفوس أثار بعضها أصحاب المصالح من الدول الاستعمارية و يحرك ذلك ما عرف لدى العلماء من حسد و تناحر و تعصب واختلاف .

كما دفعني للحديث في هذا الموضوع : كتاب فقهي قديم على مذهب الإمام مالك له رغبة كبيرة في نفوس إخواننا المغاربة و قد طبع حديثاً في بيروت عن طريق دار الغرب الإسلامي اسم الكتاب " المعيار المعرب و الجامع المغرب عن فتاوى علماء أفريقيا و الأندلس و المغرب ". و المؤلف هو : احمد بن يحيى الونشريسي. وقد نشرته دار الغرب الإسلامي في بيروت عام 1401 هـ , 1981 هـ .

لقد لفت نظري ما رأيت في الجزء 11 ص 168 تحت عنوان سؤال جاء العبارة : كيف يعامل معتنقوا المذهب الوهابي ؟؟!!

و هو سؤال ملفت للنظر و مثير للانتباه خاصة و أن دعوة السيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله الإصلاحية التجديدية المصححة لأمور العقيدة الإسلامية مما داخلها قد كادت لا تعرف إلا بهذا الاسم الذي أطلقه أعداؤها على هذه الدعوة و من يتعاطف معها أو يسير على منوالها حتى و لو كان لا يعرف من هو الشيخ محمد بن عبد الوهاب و لا أين قامت دعوته ؟؟!!

هذا الاصطلاح جاء من باب التنفير حيث حركت ذلك اللقب و دعت إليه بعض الطرق الصوفية و مصالحها أو الرغبة في تفكيك المسلمين و مباعدتهم عن دينهم الحقيقي حسب منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم و خلفائه الراشدين .

فوافق ذلك هوى في نفوس أعداء الدين الإسلامي الحريصين على تفكيك وحدة المسلمين و تفتيت ما بين أبناء الإسلام من أواصر و محبة يدعو إليها دينهم و تهتم بها تعاليمه :
{ إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم و اتقوا الله لعلكم ترحمون . يآيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم } ( ) .
" مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى و السهر " ( ) .
و ما ذلك إلا لإذكاء روح التناحر و البغضاء في صفوف المسلمين لأنهم أدركوا تأثير الكلمة فيما يتعلق بأمور الدين من جهة و من أخرى فلأن نسبة الأمية آنذاك في العالم الإسلامي عالية جداً فالناس لا يقرؤون ليعرفوا و لا يفهمون إلا ما يقال لهم عن طريق أناس نصبوا من أنفسهم علماء و هم أدعياء للعلم حيث توجههم السلطات و يرون أن ما خرج عن هؤلاء يجب أن يعتقده الناس رغم و جود أصوات تنادي بالحق و تدعوا إليه بسطاً و توجيهاً ولكن عينهم بصيرة و يدهم قصيرة كما يقال .

و قد ذكر الشيخ عبد الله عبد الغني خياط إمام و خطيب الحرم المكي الشريف في لمحاته التي تصدر كل ثلاثاء في جريدة عكاظ بأن الأستاذ احمد علي الكاظمي قد أورد في كتاب ألفه كلمة قصيرة عن ضابط بريطاني اسمه " هارفورد برايجس " كان يقيم في العراق كوكيل سياسي من سنة 1199 هـ إلى سنة 1209 هـ و كان يعاصر الإمام محمد و كانت له صلات مع الأمير سعود بن عبد العزيز – الذي أصبح فيما بعد الحاكم الثالث للدولة السعودية الأولى بعد أن تولى الأمر بعد مقتل والده عام 1218 هـ - و لهذا الضابط تاريخ موجز عن الوهابية – و نص الكلمة كالآتي : " لقد أشاع الباب العالي أن ابن سعود كان يمنع الناس من زيارة المدينة المنورة و لكن الصحيح أنه كان يمنع الناس من ارتكاب أعمال الشرك أمام الروضة كما منع الناس من عبادة الأولياء " .

( - سورة الحجرات آية 10 .
- حديث رواه الترمذي )

و قد ظن البسطاء اعتماداً على قول أصحاب النفوذ من ولاة و غيرهم أن الوهابية أو دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية – كفر و أن من يسير عليها إنما هو كافر .

و لكن الصحيح الذي عرفه كل من اهتم بدراسة ذلك المعتقد أن الشيخ محمد وأتباعه يسيرون على نهج الكتاب و السنة في الأصول .

أما في الفقه – و هو الاتجاه المذهبي – فوفق الفقه الحنبلي و ليسوا مذهباً خامساً كما أطلقوا عليهم من باب التنفير لدى العامة و الفقه الحنبلي قد انتقل إلى نجد قبل ولادة الشيخ محمد بأكثر من قرن أتى به الدارسون في مدرسة الصالحية بدمشق و الدراسون في مصر و قبله كان السائد المالكي و الحنفي .

و قد صدق برخاردت في قوله : إن كل ما أشيع عن الوهابية سببه سوء فهم حقيقة الوهابية التي لم تكن إلا تطهيراً داخلياً للإسلام .

فهذه شهادة قررها من لا يتعرف بالإسلام كدين غير أنه منصف حكى الواقع الذي لا مرية فيه و قد قال بمثل هذا الرأي كل من : الأستاذ منح هارون في الرد على الكاتب الإنجليزي كونت ويلز و الباحث الأمريكي لوثروب ستودارد في كتاب " حاضر العالم الإسلامي " .

و المستشرق الألماني كارل بروكلمان في كتابه " تاريخ الشعوب الإسلامية " الذي تناول هذه الحركة بالدرس و التحليل في الجزء الرابع .
و المؤرخ الألماني داكوبورت فون ميكوس في كتابه " عبد العزيز " و صدر بألمانيا عام 1953 م .
و الأستاذ ديلفرد كانتول في كتابه "الإسلام في نظر الغرب" و قد ألفه جماعة من المستشرقين .
و العالم الفرنسي برنارد لويس في كتابه " العرب في التاريخ ".
و المستشرق النمساوي جولد زيهر في كتابه " العقيدة و الشريعة " .
و المستشرق الإنجليزي جب في كتابه " المحمدية " .
و المستشرق الفرنسي سيديو في كتابه " تاريخ العرب العام " .

و دائرة المعارف البريطانية التي جاء فيها " الوهابية اسم لحركة التطهير في الإسلام و الوهابيون يتبعون تعاليم الرسول وحده و يهملون ما سواها و أعداء الوهابية هم أعداء للإسلام الصحيح " ( ) .

أما في بعض ديار الإسلام فهناك أصوات منصفة مسلمة قالت الحق لأنه الحق الذي يجب إبلاغه للناس عن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب مثل :
- الشيخ محمد بشير السهسواني الهندي في كتابه " صيانة الإنسان عن وسوسة دحلان".
- الشيخ محمود شكري الألوسي العراقي في كتاب ألفه عن تاريخ نجد .
- الشيخ أحمد بن سعيد البغدادي – العراقي في كتابه " نديم الأديب " .
الشيخ جمال الدين القاسمي , و الشيخ عبد الرازق البيطار , و الشيخ طاهر الجزائري , و الشيخ محمد كامل القصاب في أرض الشام حيث درسها هؤلاء فأعجبوا بها و رأوا أنها على حق و صواب فنشروها في المجتمع الشامي مما دفع السلطات العثمانية إلى إحالة عميد الحركة الشيخ جمال الدين القاسمي إلى القضاء في عام 1908 م و قد برأه القضاء.
هذا إلى جانب آراء كثير من العلماء مثل :
السيد محمد رشيد رضا في كتابه " محاورة المصلح و المقلد , و كتابه الآخر " الوهابيون و الحجاز " , و ما ينشره في مجلة المنار . و محمد كرد علي , و شكيب أرسلان , و فيليب حتى , و أمين سعيد , وعلي الطنطاوي , و الزركلي , و محمد جميل بيهم , و عمر أبو النصر , و عبد المتعال الصعيدي في " المجددون " , و حامد الفقي في " أثر الدعوة الوهابية " , و عبد العزيز بكر في " الأدب العربي و تاريخه " , و مصطفى الحفناوي , و الدكتور أحمد أمين في " زعماء الإصلاح , و محمد قاسم في " تاريخ أوروبا و مناع القطان في دعوة الإسلام " , و عبد الكريم الخطيب في " محمد بن عبد الوهاب " , و محمد ضياء الدين في مجلة الإرشاد الكويتية رجب عام 1373 هـ .

( - راجع كتاب محمد بن عبد الوهاب للأستاذ عبد الله ابن رويشد ج 2 من ص 345 – 354 و فيه مقتطفات من كلام هؤلاء . )

و الدكتور محمد بن عبد الله ماضي " حاضر العالم الإسلامي " . و أحمد حسين في " مشاهداتي في جزيرة العرب " بعد أدى فريضة الحج عام 1948 م ( 1367 هـ ) . و العقاد في " الإسلام في القرن العشرين " , و طه حسين في بحث نشره عام 1354 هـ عن الحياة الأدبية في جزيرة العرب ( ). و الشيخ أحمد بن حجر القاضي بقطر في كتابه " الشيخ محمد بن عبد الوهاب " , و مسعود الندوي في كتابه " مصطلح مظلوم و مفترى عليه " , و الدكتور محمد جميل غازي في كتابه " مجدد القرن الثاني عشر , و أمين سعيد في كتابه " سيرة الإمام محمد بن عبد الوهاب " , و مسلم الجهني في كتابه " أثر حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في العالم الإسلامي " و غيرهم كثير جداً .

و إن ما يرى و يلمس عن تسمية الدعوة السلفية بالوهابية فهو مما أطلقه خصوم هذه الدعوة السلفية التصحيحية , التي نبعت من الجزيرة العربية غيرة على دين الله و لإزالة ما علق بتعاليم الإسلام من شوائب و ما أدخل على التوحيد من مشاركة للمخلوق مع الخالق في صرف ما هو له جل و علا مقروناً بالمخلوق و في هذا منافاة لمضمون الحديث القدسي الذي جاء فيه قول الله جل و علا " أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته و شركه " ( ).

و من باب ربط السبب بالمسبب و محاولة التصحيح لما علق بأذهان الناس عبر مدة زمنية طويلة نقول : إن أولئك الخصوم أعطوا هذه الدعوة اصطلاحاً في اللقب هو " الوهابية " من باب التنفير و التشويه و تلقفها من جاء بعدهم حيث إن أول من حرك ذلك الاصطلاح و دعي إليه أصحاب بعض الطرق الصوفية و الدراويش التي أخطأت هي في فهم الدين الإسلامي على نقاوته و كما يجب أن يفهم ليتعبد الناس به خالقهم كما أمروا بذلك لأن الإسلام لا رهبانية فيه .

( - راجع مقتطفات من هذه الأقوال في " محمد بن عبد الوهاب " لابن رويشد ج 2 ص 275 – 360 .
- اخرجه مسلم في باب ارياء عن زهير ابن حرب ص 291 الأحاديث القدسية. )

و ما ذلك إلا أن بعض القائمين على تلك الطرق يحكمون الجانب الذاتي فلا يهتمون إلا بما يتوفر لهم من مصالح و مكاسب دنيوية يخشون ضياعها و نسوا أن تعاليم الإسلام و شرائعه أسمى من ذلك و أن إخلاص العمل يجب أن يراد به الله جل وعلا وحده .

و سلاحهم في الوصول لما يريدون : التضليل على العوام و التلبيس أمام السلطة و تخويفها من هذا الصوت الجديد على مصالحها من باب استعدائها عليه .

فتلقف ذلك أعداء الإسلام حيث لقي هوى في نفوسهم لحرصهم على تفكيك وحدة المسلمين و غرس بذور الشر بينهم لأنهم أدركوا ووعوا خطر ما ترمي إليه الدعوة الصحيحة لدين الإسلام و إذكاء الحماسة الدينية لدى المسلمين على مصالحهم و سيطرتهم على ديار الإسلام .

و هذا الموضوع و إن كان قد كتب الناس فيه كثيراً نسأل الله أن ينفع المسلمين بما كتب لهم و أن يعيد ضالهم إلى الطريق الأقوم فهو سبحانه القادر على ذلك .

إلا أن الذي لفت نظري و دفعني للحديث في هذا الجانب هو ما وجدته في ذلك الكتاب الفقهي القديم على مذهب الإمام مالك رحمه الله حيث أثار انتباهي كما قلت من قبل عنوان هذا السؤال : كيف يعامل معتنقوا المذهب الوهابي ؟؟!! ( )

و في قراءتي لنص السؤال و جدته كما يلي :

سئل اللخمي عن قوم من الوهبية سكنوا بين أظهر المسلمين زماناً و أظهروا الآن مذهبهم و بنوا مسجداً .. إلى آخر ما جاء في السؤال ... الذي ختمه بقوله : فهل لمن بسط الله يده في الأرض الإنكار عليهم و ضربهم و سجنهم حتى يتوبوا من ذلك ؟؟

( - انظر ص 20 من هذا البحث. )

و لما كان الجواب فيه قساوة وحدة و لم يفصل عن هذه الفرقة و ما إذا كانت نسبة إلى عبد الله بن وهب الراسبي الخارجي المتوفي عام 38 هـ في وقعة النهروان مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه لأنه قد خرج عليه بعد التحكيم ( ) أو نسبة إلى شئ آخر أياً كان زمانه و مكانه .

و أنه لم يشر فيه إلى شئ غير هذا بل إن أحد الاخوة من المغرب العربي قد فهم كما يتبادر للذهن لدى آخرين بأن المقصود من ذلك دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لأن المعهود الذكرى يتغلب على ما يراد بحثه و استقصاؤه و مع هذا فإن صاحب هذا الفهم من ذوي العلم و المكانة حيث جرى معه حوار تراجع – بحمد الله – عن فهمه السابق بموجبه و هذه الرسالة استجابة لمطلبه .

و قد يعذر هو غيره لأن الهجوم منصب على هذه الدعوة من كل جانب و الدفاع عنها قليل و لأن هذه التسمية قد طغت و عمت و فتاوى علماء المغرب القديمة على الوهابية الرستمية الخارجية الأباضية تنفر الناس منها و تكفر أتباعها لما عرفوه عنها من مخالفة لأهل السنة و الجماعة إذ قد أفتى غير اللخمي علماء آخرون كالشيخ السيوري.

ومن هنا فقد أحببت التثبت أولاً عمن يعني السائل و المجيب ثم إزالة ما في الأمر من لبس و جلاء ذلك الاشتباه الذي قد أدركه كثير من الناس من باب أمانة العالم و توثيق المعلومات و لأن هذا اللبس قد امتدت بعض المفاهيم حوله و ألبست ثوباُ جاهزاً على دعوة سلفية تباين ذلك الاتجاه و تخالفه .

( - انظر الكامل لابن الأثير في حوادث عام 38 هـ .)

يتبع رقم 4

تصحيح خطأ تاريخي حول الوهابية 4

الوهابية أو الوهبية . . من هم ؟ ! : -

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 16-03-2011, 03:57 AM
امبراطوري امبراطوري غير متواجد حالياً
 عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 672
تصحيح خطأ تاريخي حول الوهابية 4

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الوهابية أو الوهبية . . من هم ؟ ! : -



في القرن الثاني الهجري و على يد عبد الوهاب بن رستم انتشرت في الشمال الإفريقي فرقة الوهابية نسبة إلى عبد الوهاب هذا و هي فرقة متفرعة عن ألوهية الفرقة الإباضية الخارجية نسبة إلى مؤسسها الأصلي عبد الله بن وهب الراسبي و بعضهم يسميها الراسبية .

و لما كان أهل السنة بالمغرب كله يناوؤنها لأنها تخالفهم في هذا المعتقد و قد كفرهم كثير من علمائهم كما نلمس في فتاواهم القديمة .

و من هنا أحببت التوثق من المصادر المهتمة بهذا و لذا فقد رجعت لترجمة حياة علي بن محمد اللخمي و هو الذي وجه إليه السؤال فإذا هو قد توفي عام 478 هـ و أنه فقيه مالكي قيرواني الأصل توفى بسفاقس ( ) .

أما المؤلف أحمد بن يحيى الونشريسي فقد جاء على غلاف كل جزء من أجزاء المعيار – طرته – و تحت اسمه بأنه توفي بفاس عام 914 هـ .

و لما كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب و هو صاحب الدعوة السلفية التصحيحية في نجد لم يكن قد ولد بعد حيث إن ولادته عام 1115 هـ بالعينية و بدأ الدعوة مع الإمام محمد سعود بالدرعية منذ عام 1158 هـ .

و على هذا فإن هذا الجواب الذي ترتب عن السؤال قد سبق ولادته بأكثر من ستمائة عام بالنسبة لوفاة المجيب و هو اللخمي و أكثر من مائتي عام بالنسبة لوفاة المؤلف الونشريسي.

و كلا الأمرين يحدثان لبساً لدى من يريد المقارنة ووضع الأمور في نصابها .

( - انظر الحلل السندسية ص 143 و الأعلام للزركلي ج 5 ص 148 . )

و هذا الأمر دفعني للبحث تأريخياً في كتب المغرب عن أصل ذلك المذهب ومتى وجد لأن في الأمر لبساً لابد من جلائه أما بمعرفة المقصود أو أن زيادة قد حصل في الكتاب لم يكن للمجيب و المؤلف ضلع فيها.

خاصة و أن هذا السؤال و جوابه قد جاء في كلام الونشريسي مرة باسم الوهبية و أخرى بالوهابية و لم يعلق الناشر أو المحقق عليه بشيء مما يجعلني أعتقد أن كثيراً من كتب المغاربة و خاصة منها ما يتعلق بالعقائد قد تعرض لمثل هذا بشيء من التوضيح في أماكن متفرقة .

و من باب ربط الحوادث التاريخية بمصادرها و إشراك القارئ في قراءة و رصد ما تحفل به المصادر فإن الموضوع يحتاج إلى مراجعة تاريخية متفحصة لكي نعرف ما يحاول دسه أعداء الإسلام في تاريخ أمة الإسلام للتنفير من كل عمل تصحيحي عقدي في المجتمع الإسلامي لأنهم يعرفون حقيقة الإسلام و ما يضفيه على أبنائه إذا ساروا على منهجه الصحيح جيداً و ما يعود على الأمة من ألفة و محبة و ترابط و لا تستطيع معه قوى الشر أن تنفذ لديار الإسلام أو تجد بين أبناء المسلمين مستقراً أخذاً من حديث رسول الله لى الله عليه وسلم الذي قال فيه : " أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي و ذكر منهن " و نصرت بالرعب مسيرة شهر " ( ) .

فلابد أن يجدوا منفذاً في ديار الإسلام للاستفادة من خيراتهم بالتركيز على كلمتهم المعهودة : فرق تسد . فسيادة أعداء الإسلام في ديار الإسلام و تمكنهم من التصرف في أمورهم و استثمار خيرات بلادهم و التسلط عليهم فكرياً كل هذا لا يتم إلا ببث الفرقة و إيجاد مسببات الشحناء ة و بذور الكراهية بين الأفراد و الجماعات .

و أعداء الإسلام كالشيطان الذي يسترق السمع فإذا وجد كلمة بنى عليها كذبات كثيرة لإفساد ذات البين و بلبلة الأفكار .

( - متفق عليه .)

و استنتج هذا من بعض النصوص التاريخية و الوقائع الزمنية التي وقع نظري على جزء منها تراءى أمامي أثناء البحث ما يلي عن الفرقة الوهابية التي بشمال أفريقيا :

1 ) جاء في كتاب المعرب الكبير الجزء الثاني : العصر العباسي للدكتور السيد عبد العزيز سالم أن عبد الرحمن بن رستم الذي أسس الدولة الرستمية في مدينة تاهرت بالمغرب . عندما أحس بدنوا أجله في 171 هـ أوصى بالأمر لسبعة من خيرة رجال الدولة الرستمية و من بينهم ابنه عبد الوهاب و يزيد بن فنديك و قد بويع عبد الوهاب مما ترتب عليه نشوء خلاف بينه و بين ابن فنديك .
و قد انقسمت الإباضية – التي هي ديانة ابن رستم و من معه حيث نقلها من المشرق إلى المغرب - إلى فرقتين : الوهابية نسبة إلى عبد الوهاب بن عبد الرحمن ابن رستم , و النكارية , و دارت بيت الطرفين معارك و مقاتل تنهزم فيها النكارية إلى أن قتل زعيمها ابن قنديره و في حالة ضعف من النكارية انضم إليهم الواصلية المعتزلة .

و قد عزم عبد الوهاب هذا على الحج في آخر حياته إلا أن أتباعه نصحوه بالبقاء في " نفوسة " خوفاً عليه من العباسيين .
و توفي عبد الوهاب هذا الذي يعتبر مؤسس للدولة الرستمية ذات الاتساع في شمال إفريقيا عام 211 هـ ( ) .

2 ) أما المؤلف الفرنسي شارلي أندري فقد تحدث في كتابه " تاريخ أفريقيا الشمالية " تعريب محمد مزالي , و البشير بن سلامه عن مالك الخوارج و من ضمنها مملكة تاهرت التي هي الدولة الرستيمة و قد أفاض في حديثه عن معتقداتها و اتساعها و معالمها الحضارية و تسميتها بالوهابية

( - انظر هذا الكتاب ج 2 ص 551 إلى ص 557 طباعة دار النهضة العربية بيروت و فيه معلومات أشمل عن عبد الوهاب هذا ودولته . )

نسبة إلى عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم الذي خالف أهل ملته كما أبان بأنها تخالف أهل السنة في المعتقد ( ) .
3 ) كما تحدث الفردبل في كتابه " الفرق الإسلامية في الشمال الإفريقي " من الفتح العربي حتى اليوم و قد ترجم هذا الكتاب عن الفرنسية عبد الرحمن بدوي في عدة مواضع و قال بأن الخوارج الوهبيين الذين سموا نسبة إلى عبد الله وهب الراسبي الذي قاتله الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه في النهروان هم خوارج أباضية .

و عن انقسامهم أيضاً حيث قال : أباضية المغرب في تاهرت منهم و هم الذين كانت دولتهم الرستمية و كانوا أشد الفرق تعصباً .
ثم قال عن أتباع عبد الوهاب بن رستم هذا الذي سميت فرقته بالوهابية نسبة إليه لما أحدثه في المذهب من تغيرات و معتقدات : بأنهم أشد الأباضية تقوى و كانوا يكرهون الشيعة قدر كراهيتهم لأهل السنة ( ) .
و الزركلي في الأعلام أخذ خلاصة من عشرة كتب تعرضت لسيرة الأباضية و الدولة الرستمية في تيهرت بالجزائر و مما جاء في كلامه عنه بأن عبد الوهاب هذا ثاني الأئمة الرستميين من الأباضية فارسي الأصل كان مرشحاً للإمامة في حياة أبيه و جعلها أبوه شورى فوليها بعد وفاته بنحو شهر سنة 171 هـ و اجتمع له من أمر الإباضية و غيرهم مالم يجتمع مثله لزعيم إباضي قبله و كان فقيهاً عالماً شجاعاً يباشر الحروب بنفسه و له مواقف كثيرة مذكورة و استمر إلى أن توفى و في تاريخ وفاته خلاف و الزركلي يرجح أن وفاته 190 هـ ( ) .

ومن هذه النبذة الصغيرة نستدل على أن هذه الفرقة قد رصد عنها أشياء كثيرة ليس من الفرنسيين و حدهم – بل من أبناء البلاد أيضاً منه جرى الاطلاع عليه و أكثره لم نطلع عليه.


( - راجع الجزء الثاني من هذا الكتاب من ص 40 إلى ص 0 ومواطن أخرى.
- انظر ص 150، ومن ص 140 إلى ص 152 من هذا الكتاب.
- راجع الأعلام ج 4 ص 333 – 433 و من هامشه يتضح مراجعة لمن يرغب الإستزاده . )

لأن عبد الوهاب الرستمي هذا قد جعل من تاهرت مركزاً فكرياً و فتح باب الجدل مع علماء السنة ثم الشيعة التي قامت دولتهم في نهاية القرن الثالث الهجري باسم الدولة الفاطمية حيث قضى عبد الله الشيعي في عام 296 هـ على الرستمية ( ) .

مما تتبلور عنه تفنيد معتقدات الرستميين التي تختلف مع ما يراه أهل السنة و الجماعة و ثبتت به الأحاديث الصحيحة .

و هذا الحوار هو الذي تفتق عنه جذور عميقة عند علماء و فقهاء المغرب و حول هذه الفرقة و معتقداتها .

و قد استغل المستعمرون و أصحاب المصالح تلك الجذور في إذكاء العداوة بين أبناء المسلمين فيما بعد فألبسوا الثوب القديم بما فيه عيوب و ما عليه من مثالب لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله و دعوته الإصلاحية السلفية كما ألبسوا هذا الثوب لكل دعوة تدعوا إلى نقاوة الإسلام و الإقتداء بالمسيرة الأولى في تبليغ دين الله الحق منذ قام بها رسول الله صلى الله عليه وسلم و أصحابه من بعده مستغلين الحزازات ضد الدعوة الجديدة التي جاءت لإصلاح العقائد و إعادة الناس إلى منزلة الإسلام الأولى التي سار عليها الصفوة الأولى من أمة الإسلام مدة ثلاثة قرون لم تعرف الدخائل و لا البدع اللهم إلا فرقاً عرفت بمباعدتها للإسلام حيث قوتلت في وقائع كثيرة ابتداء من الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه الذي جرد سيفه لقتالهم اتباعاً لمنهج الرسالة المحمدية التي حاد عنها أولئك الذين خرجوا عليه .

( - انظر البيان المغرب في أخبار الأندلس و المعرب ج 1 ص 197 و فيه سمي عبد الوهاب عبد الوارث . )

يتبع
تصحيح خطأ تاريخي حول الوهابية 5

الاستعمار . . و مواجهة الدعوة : -

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 16-03-2011, 04:10 AM
امبراطوري امبراطوري غير متواجد حالياً
 عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 672
تصحيح خطأ تاريخي حول الوهابية 5

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الاستعمار . . و مواجهة الدعوة : -

كما هي عادة أعداء الإسلام لا يدخلون في المواجهة مع الإسلام لمعرفتهم بعدم الصمود لأن حججهم واهية و لكنهم يستغلون فئات من المنتمين للإسلام ليجعلوهم جسوراً يعبرون منها لمآربهم و يضعون باسم الشبهات حيث أدرك الصليبيون و الحاقدون على الإسلام من واقع مجريات الأمور في الأندلس و في أرض الشام و في حروب الدولة العثمانية مع أوروبا و غير ذلك من المواقف العديدة أن الإسلام الصافي من الشوائب و الحريص أبناؤه على نشر دين الله و تخليص الأمم الأخرى مما يخالفه هو عدوهم الأول فلا يستطيعون مجابهته لأنه المنتصر إذاً فلابد من تشويه صورته و تفرقة أبنائه و إثارة الفتن و القلاقل في بيئته .

أولاً : فالإنجليز مثلاً لمسوا آثار دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية في أعظم مكان يعتزون باستعماره و الاستيلاء على خبراته عندما تلقفها الهنود على يد الداعية الإسلامي : أحمد بن عرفان الشهير بأحمد باريلي , و أتباعه و في حركات أخرى مثل " الفراتفيين و تيتومان " نزار علي ( ) .

تلك الدعوات التي ناوأت القاديانية الكافرة التي أرادها الإنجليز واجهة إسلامية تحقق مآربهم و ينضوي تحتها من لا يعرف من الإسلام إلا اسمه .

و يظهر انزعاج الإنجليز و حرصهم على القضاء على دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب التي تمثل يقظة جديدة في الدين الإسلامي و دعوة إلى فهمه من مصادر الصافية : كتاب الله , و سنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، أنهم بذلوا جهوداً و أموالاً في هذا السبيل و قد أبانت

( - انظر انتشار دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب خارج الجزيرة العربية تأليف محمد كمال جمعة ص 63 – 87 . )

رحلة " سادلير" الضابط البريطاني و قائد الفوج 47 ومبعوث الحكومة البريطانية في الهند الذي قام برحلة شاقة من الهند إلى أن وصل الرياض ووقف على أطلال الدرعية التي هدمها إبراهيم باشا بناء على تخطيط اشترك في الإعداد له الإنجليز ليطمئن على تفتيت الحكومة الإسلامية التي تحركت في الجزيرة لإيقاظ المسلمين و القضاء على قاعدة الدعوة السلفية بنفسه لما أحدثته من خوف و قلق بداخل الحكومة الإنجليزية خوفاً على مصالحها و قد كان في رحلته هذه ضمن قافلة كبيرة أغلبها من الأتراك أبانت هذه الرحلة جانباً مهماً في التعاطف و الحرص على القضاء على هذه الدعوة التي تمثل يقظة إسلامية توحد المسلمين كما أبانت عن حقد الإنجليز على الإسلام ذلك الحقد المخطط له من التبشير الكنسي الموجه بأفكار المستشرقين و دسائسهم .

فقد مر بالدرعية متشفياً في 13 أغسطس من عام 1819 م ( ) , وبعد أن ارتاحت نفسه شد الرحال لاحقاً بإبراهيم باشا حتى أدركه في آبار علي , على مقربة من المدينة المنورة ليقدم له التهاني بهذا النصر مقرونة بهدايا حكومة الهند الشرقية ( الحكومة البريطانية ) ( ) هذا من جانب و من جانب آخر حتى يطمئن الحكومة البريطانية على نتائج القضاء على قادة هذه الدعوة و هدم و تدمير قاعدة الملك فيها و ذلك عام 1233 هـ لأن آثارها قد امتدت لمواطئ أقدام الإنجليز في ديار الإسلام في كل مكان .

و كان سادلير يكرر عبارات التشفي و الارتياح للقضاء على دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مثل قوله " مع سقوط الدرعية و خروج عبد الله عنها يبدو أن جذور الوهابيين قد انطفأت فقد عرفت من كل البدو الذين قابلتهم في نجد أنهم سنيون و أنهم يداومون على الصلاة المفروضة حتى في السفر الطويل و تحت أقسى الظروف " ( ) .

( - راجع رحلته ترجمة أنس الرفاعي و تحقيق سعود بن غانم العجمي ص 85 – 87 , و ص 96 – 99 .
- نفس المصدر من ص 105 – 110 , و ص 156 – 159 .
- نفس المصدر السابق ص 149 . )

ثم من باب التفرقة أيضاً في داخل البلد الواحد يقول " إن البدو لم يثبتوا على الوهابية إلا مرغمين و ذلك حين كانت الدعوة قوية و سهلت لهم سبل النهب " ( ) .

مع أن الدولة السعودية منذ أن قامت على ركيزة الدعوة إلى الله مع دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في عام 1158 هـ كانت تحكم شرع الله و تقطع يد السارق فأمنت الطرق لأن أول ما حاربته النهب و الاعتداء على الناس أو أخذ أموالهم .

و هذا و غيره من كلامه فيه تناقض و تشويه للحقيقة و خداع للناس بما يعطي من معلومات لأسباب جاءت في كتابه عندما تحدث عن قوة القواسم البحرية في الخليج و البحر العربي حتى وصلوا إلى بومباي في الهند و هاجموا سفناً عديدة لحكومة الهند الشرقية و سفناً حربية إنجليزية , و القواسم ممن أيد الدعوة السلفية فهم يعاضدونهم لأن مبادئ الدعوة السلفية تحض على مقاومة السلطان الأجنبي لأنهم كفار لا يحق لهم بسط النفوذ على ديار الإسلام .

و لأن ولاية الكافر لا تجوز على المسلم فالمسلمون يجب أن يلوا أمورهم بأنفسهم ليحكموا شرع الله في بلادهم .

و قد تحدث سادلير في كتابه هذا كثيراً عن هذا الموضوع الذي أرق بريطانيا فتحدث مع إبراهيم باشا و حمل كتاباً من الإنجليز له بطلب التحالف ضد القواسم و عن دور بريطانيا في شرق الجزيرة العربية لمناوأة كل من يؤيد الدعوة السلفية التي أيقظت همة الناس و فتحت مغاليق أفكارهم و حركتهم من سبات عميق .

و قد ظهرت همومه و سمومه ضد الإسلام و المسلمين في مواقف :
1 ) بث العداء بين أهل اليمن و دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب كقوله ك و قد سقط آخر زعيم يمني و هابي خلال إقامة هذا الباشا – يعني خليل ياشا – و هذا الزعيم هو محمود ين محمد , و الذي جئ به مكبلاً بالأغلال إلى حبك و من هناك أرسل بسفينة إلى مصر ... إلى

( - انظر كتاب هذا ص 151 – 153 , و ص 148 . )

آخر حديثه عن اليمن ( ) و مثل هذا ما هو إلا محاولة للتفرقة بين أبناء الأمة الواحدة كما قال عن عُمَان و أبناء الجزيرة العربية كلاماً يدعوا للفرقة بين أبناء الجزيرة جميعاً يربطهم الإسلام و يجمع شملهم مصدراً التشريع فيه كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ( ) .
2 ) وصفه التساهل الديني بالتقدم الحضاري و المحافظة على شعائر الإسلام بالتناقض مع متطلبات النفس في مثل قوله : يصف بدو نجد : و هم حريصين جداً على عباداتهم و لا يهملون أياً من الصلوات المفروضة مهما كان المسير طويلاً في أسفارهم و تحت أشق أنواع الحرمان و العوز و يظهر التناقض الغريب عنده بمقارنة هؤلاء البدو مع الأتراك الذين يتسمون بثقافة روحية أكثر لكنهم لا يسمحون للدين أو للصلوات أن تتعارض مع راحتهم و اطمئنانهم أبداً ( ) .
3 ) محاولة الحط من قدر أهل المدينة المنورة ووصفهم بنعوت كثيرة كالشحاذين و الجشع و أن من حقهم – اعتقاداً – أن يكونوا متغطرسين و أنهم يعيشون على صداقات الحجاج إلى غير هذا مما ينبئ عن جذور صليبية . ( ) .
4 ) لكن الأغرب من ذلك أن يقول سادلير عن إبراهيم باشا :
أ‌- بأنه تناول معه الطعام على الطريقة الإنجليزية و أنه تحدث معه عن رحلته و أعطاه الهدايا البريطانية و الخطابات قبل دخوله المدينة للسلام على الرسول صلى الله عليه وسلم و قدم له الشاي و الدخان و السعوط و الغلايين و فنجان القهوة يقدم في صحن مرصع بالألماس ( ) .
ب‌- أنه ليس إلا ولد متبنى لمحمد علي و عندما ترعرع أمضى سنة كرهينة في استنبول و يقال أن إبراهيم باشا ولد بعد شهور قلائل من زواج والديه لكنه كان مفرطاً في إدمانه على الخمر وجلفاً مع المستخدمين عنده ( ) .

( - انظر كتاب هذا ص 108 .
- انظر رحلته هذه : رحلة عبر الجزيرة العربية ص 149 .
- انظر رحلته هذه ص 116 – 118 .
- انظر رحلته هذه ص 105 , ص 106 , ص 109 , ص 110 .
- نفس المصدر ص 137 و انظر بالتفصيل من ص 137 إلى ص 143 )

ت‌- و في موطن آخر يقول : وكان يشرف على خدمة بعض المماليك فقط ولدى دخوله أرض ( محمد ) المقدسة صمم سعادته على اعتزال اللهو و المسكرات فأهدر كل ما كان مختزناً عنده منها مما أتى به من القاهرة و كان ذلك قبل انطلاقه نحو المدينة ( ) .

ثانياً: و الفرنسيون أيضاً لهم دور فقد أحسوا باهتمام الشمال الإفريقي بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب و حرصهم عليها في مثل :

1 ) اهتمام سيدي محمد بن عبد الله العلوي , سلطان المغرب الأقصى بها حيث قام بمحاربة البدع و الانحراف كما كان يحارب تشعب الطرق الصوفية و يدعوا إلى العودة إلى الاجتهاد و إلى السنة ( ) إلى جانب حرصه الشديد و حرص الدولة العلوية منذ أن قامت على محاربة النصارى وفي تعاطفهم مع الدعوة السلفية قوة تمتد إلى نفوذ الفرنسيين .
هذا السلطان هو الذي وصفه المؤرخ الفرنسي شارلي جوليان بقوله : وكان سيدي محمد و هو التقي الورع على علم بواسطة الحجيج بانتشار الحركة الوهابية في الجزيرة العربية و تأييد عائلة آل سعود لها و قد أعجب بعباراتها و كان يؤثر عنه قوله " أنا مالكي المذهب وهابي العقيدة و قد ذهبت به حماسته الدينية إلى الإذن بإتلاف الكتب المتساهلة في الدين و المحللة لمذهب الأشعرية و تهديم بعض الزوايا ( ) .

2 ) كما أنه في عام 1226 هـ حج جماعة من المغاربة صحبة المولى إبراهيم بن السلطان المولى سليمان سلطان المغرب و نقل عنهم صاحب كتاب الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى : أنهم ما رأوا من ابن سعود ما يخالف ما عرفوه من ظاهرة الشريعة و إنما شاهدوا منه ومن أتباعه

( - نفس المصدر ص 137 و انظر بالتفصيل من ص 137 إلى ص 143 .
- انظر كتاب انتشار دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ص 235 تأليف محمد جمعه كمال نشرته الدارة .
- نفس المصدر السابق ص 150 .
- انظر كتابه : تاريخ أفريقيا الشمالية ج 2 ص 311 . )

مآبه الاستقامة و القيام بشعائر الإسلام من صلاة و طهارة و صيام و نهي عن المنكر و تنقية الحرمين من الآثام ( ) .

3 ) رسالة بعث بها الإمام سعود بن عبد العزيز لأهل تونس يشرح فيها حقيقة التوحيد و أصول الدين و هي رسالة طويلة تقع في ثلاث صفحات مطبوعة كما جاءت في صحيفة ألمانية ضمن مقال طويل باللغة الألمانية لأحد المستشرقين عن الوهابية في المغرب أما الرسالة فقد كتبت باللغة العربية ( ) .

4 ) و السلطان سليمان بن محمد بن عبد الله الذي بويع في فاس عام 1226 هـ كان معاصراً للإمام عبد الله ابن سعود ووالده الإمام سعود بن عبد العزيز الذي دخل مكة عام 1217 هـ , الموافق لعام 1802 م أراد أن يتحقق من ابن سعود و ما يدعوا إليه فأرسل ابنه المولى إبراهيم في جماعة من علماء المغرب و أعيانه و معه جواب من والده فوصلوا إلى الحجاز و قضوا المناسك و زاروا الروضة الشريفة كل هذا على ألمن و الأمان و البر و الإحسان و يقول في هذا الشيخ أحمد الناصري صاحب كتاب الاستقصاء في تاريخ المغرب الأقصى من ص 119 إلى ص 123 : حدثنا جماعة وافرة من حج المولى إبراهيم في تلك السنة أنهم ما رأوا من ذلك السلطان – يعني ابن سعود – ما يخالف ما عرفوه من ظاهر الشريعة و إنما شاهدوا منه و من أتباعه غاية الاستقامة و القيام بشعائر الإسلام من صلاة وطهارة و صيام و نهي عن المنكر الحرام و تنقية الحرمين الشريفين من القاذورات و الآثام التي كانت تفعل بع من غير نكير و أنه لما اجتمع بالشريف المولى إبراهيم أظهر له التعظيم الواجب آل البيت الكريم و جلس معه كجلوس أحد أصحابه و حاشيته و كان الذي تولى الكلام معه الفقيه القاضي أبو إسحاق إبراهيم الزرعي

( - انظر هذا الكتاب التاريخي في أحداث عام 1226 هـ .
- انظر صحيفة اسلاميكا islamiga و هي دورية ألمانية كما علق على الرسالة الكاتب بتشويه الدعوة بخلاف ما جاء في الرسالة و هذا غير مستغرب من المستشرقين – العدد الأول المجلد السابع عام 1935 م ص 72 و ما بعدها . )

فكان من جملة ما قال ابن سعود لهم : إن الناس يزعمون أننا مخالفون للسنة المحمدية فأي شئ رأيتمونا خالفنا من السنة و أي شئ سمعتموه عنا قبل اجتماعكم بنا ؟ فقال له القاضي : بلغنا أنكم تقولون بالاستواء الذاتي المستلزم لجسمية المستوى . فقال له : معاذ الله إنما نقول كما قال الإمام مالك : الاستواء معلوم و الكيف مجهول و السؤال عنه بدعة و الإيمان به واجب فهل في هذا مخالفة ؟ قالوا : لا و بمثل هذا نقول أيضاً .
ثم قال له القاضي : و بلغنا عنكم أنكم تقولون بعدم حياة النبي صلى الله عليه وسلم و حياة إخوانه من الأنبياء عليهم الصلاة و السلام في قبورهم فلما سمع ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ارتعد و رفع صوته بالصلاة عليه . وقال : معاذ الله إنما نقول : إنه صلى الله عليه وسلم حي في قبره و كذا غيره من الأنبياء حياة فوق حياة الشهداء .
و في نهاية ذلك الحديث قال المؤلف : و أقول إن السلطان المولى سليمان رحمه الله كان يرى شيئاً من ذلك و لجله كتب رسالته المشهورة التي تكلم فيها عن حال متفقرة الوقت و حذر فيها رضي الله عنه من الخروج عن السنة و التغالي في البدعة و بين فيها آداب زيارة الأولياء و حذر من غلو العوام في ذلك و أغلظ فيها مبالغة في النصح للمسلمين جزاه الله خيراً ( ) .

و ينقل الأستاذ محمد كمال جمعه عن دائرة المعارف الإسلامية بأن المولى سليمان قد تأثر بعد عام 1810 م بالوهابية أو على الأصح بالدعوة السلفية التي قام بها السيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله مما جعله يتخذ موقفاً صارماً ضد المربوطية و هو اللقب الذي كان يطلق في المغرب على الصوفيين ( ) .

( - انظر انتشار دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لمحمد كمال جمعه ص 235 – 237 , و انظر الاستقصاء للناصري أيضاً ج 8 ص 120 / 122 .
- نفس المصدر ص 237 .)

5 ) كما ينقل عن الدكتور عباس الجراري في محاصرة ألقاها في عام 1399 هـ بجامعة الرياض بأن هذا التيار السلفي في المغرب قد ظهر مرة أخرى في بداية القرن الرابع عشر الهجري حين وجه السلطان الحسن الأول سنة 1300 هـ رسالة إلى الشعب المغربي ( ) .

6 ) و قد تحث أحمد بن حجر عن الحركة السنوسية التي أسسها محمد بن علي السنوسي في الجزائر و أنه تأثر بها عندما كان يطلب العلم في مكة وقت استيلاء آل سعود عليها و قد ابتدأ حركته الإصلاحية في الجزائر على ضوء تعاليم الإصلاح الديني الإسلامي الذي أضرم نارها في الجزيرة العربية محمد بن عبد الوهاب ( ) .

ثالثاً و في مصر : يلمس من يقرأ تاريخ عبد الرحمن الجبرتي المتوفى عام 1237 هـ المسمى عجائب الآثار في التراجم و الأخبار في مثل قوله : و لغط الناس في خبر الوهابي و اختلفوا فيه فمنهم من يجعله خارجياً و منهم من يقول بخلاف ذلك لخلو عرضه . ثم أورد رسالة من رسائل الإمام سعود التي أرسل لشيخ الركب المغربي تتضمن دعوته و عقيدته و قد بين في تلك الرسالة أمور الدين مجملة و عرض لبيان الشفاعة و فتنة و تعظيم القبور و النذور – أي للمقبورين – و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و اتخاذ الوسائط عند الله و أعقب ذلك بقوله : و على هذا أقول إن كان كذلك فهذا ما ندين لله به نحن أيضاً و هو خلاصة لباب التوحيد و ما علينا من المارقين و المتعصبين وقد بسط الكلام في ذلك ابن القيم في كتابه " إغاثة اللهفان " و الحافظ المقريزي في " تجريد التوحيد " و الإمام اليوسي في " شرح الكبرى " و ذكر كتباً أخرى – كلها تدافع عن حقيقة التوحيد الصافي النقي الذي صلب دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ( ) .

( - انظر المصدر السابق ص 237 – 238 و فيه تفصيل أكثر و الاستقصاء لأخبار المغرب الأقصى ص 119 – 123 ج 8 .
- انظر كتاب محمد بن عبد الوهاب ص 106 – 107 .
- انظر كتابه عجائب الآثار في التراجم و الأخبار ج 3 ص 269 – 282 آخر حوادث صفر سنة 1218 هـ . )

و من جانب آخر ذكر الجبرتي مطامع الإنجليز في الشمال الإفريقي المسلم عندما ذكر قصة الإنجليز مع أهل الجزائر لأن لهم صولة و استعداداً و يغزون مراكب الإفرنج و يغنمون منهم مغانم و يأخذون منهم أسرى و تحت أيديهم أسرى كثير من الإنجليز و غيرهم فقد جاء الإنجليز بمراكبهم و معهم مرسوم من السلطان العثماني ليفتدوا أسراهم بمال فأعطاهم أهل الجزائر ما يزيد عن الألف أسير و دفعوا عن كل أسير مائة و خمسين ريالاً فرنسياً و رجعوا من حيث أتوا إلا أنهم بعد مدة رجعوا و بأيديهم مرسوم آخر يطلبون باقي الأسرى فامتنع حاكم الجزائر من ذلك و ترددوا في المخاطبات و في هذه الأثناء وصلت مراكب فأثاروا الحرب و الضرب بطرائقهم المستحدثة فأحرقوا مراكب أهل الجزائر و قد أمد سلطان المغرب مولاي سليمان أهل الجزائر و بعث لهم مراكب عوضاً عن الذي تلف ( ) .

رابعاً : الإيطاليون : أقلقهم ما قام به محمد بن علي السنوسي المولود في الجزائر عام 1202 هـ من دعوة إصلاحية في ليبيا لإعادة الإسلام إلى صفائه ووضعه الصحيح في النفوس تطبيقاً و عملاً و الوقوف ضد الإيطاليين الوافدين الذين لا يهمهم إلا استغلال خيرات البلاد و التفريق بين المسلمين ( ) .

كما أقلقهم تأثر الحجاج الصوماليون بها و امتدادها إلى القرن الإفريقي لقربهم من الجزيرة العربية و تأثر الحجاج المغاربة بها حيث نقلوا آثارها لبلادهم فقام فيهم مصلحون مجددون .

خامساً: والهولنديون حركهم ما لمسوه من اهتمام جديد من المسلمين الذين استولوا على ديارهم و يظهر ذلك واضحاً بالحرص على الولاء لعقيدة الإسلام في جزيرة سومطرة و جاوة و سولو بإندونيسيا مما وفد لتلك الديار مع الحجاج المتأثرين بما يجب أن ينقى به المجتمع الإسلامي و تصفى من شوائبه شعائر الإسلام بعد أن درس هؤلاء الحجاج دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب الإصلاحية التجديدية و اهتموا بها بعد أن اطمأنوا على سلامة منهجها في إصلاح العقيدة

( - انظر عجائب الآثار للجبرتي ج 4 ص 276 – 277 و فيه تفصيل أكثر مما أوردنا .
- انظر تاريخ أفريقيا الشمالية ج 2 ص 220 .)

المستمد من كتاب الله عز وجل وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ، و لما فيها من صفاء الدعوة و سلامة الاتجاه و البعد عن الهوى و أنها لم تأت لمآرب ذاتية .

فلذا نقلوا بقناعة لبلادهم حيث قامت دعوات متعددة مثل :
الجمعية المحمدية في جاكرتا التي بدأت الدعوة بنبذ الشوائب و الخرافات التي أدخلت على تعاليم الإسلام مما وقف حائلاً دون اتساع دعوة المستعمرين في تبني فئات إسلامية أو محسوبة على الإسلام تشجع الخرافة و تمي البدع في المجتمع الإسلامي مما يستفيد منه المستعمر بتغذية الطائفية و تذكية الفتن على مبدأ الاستعمار : فرق تسد .

و لقد بدأ هذا التأثر من عام 1803 م الموافق لعام 1218 هـ عندما قامت حركة ضد الهولنديين استمرت 16 عاماً تغلبت فيها قوى الاستعمار على السلفيين الموحدين المتأثرين بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ( ) .

هذا إلى جانب دول إسلامية عديدة انتقلت إليهم آثار الدعوة مع الحجاج الذين أعجبوا بها لما فيها من تخليص الإسلام من الشوائب التي أدخلت عليه و تخليص البلاد من المستعمر الجاثم عليها و الحريص على إفساد عقيدة أهلها بما يشيعه من أعمال و ما يتيحه من فرص للفساد و الإفساد و لما يدعوا إليه المبشرون من رغبة في تحويل المسلمين إلى النصرانية و ما يبثه الملحدون و أصحاب النزعات الأخرى من دعوة لترد المسلمين عن دينهم و محاولة لإبعادهم عن صفائه و نقاوته التي تخاطب العقول المستنيرة .

لذا كثرت الأصوات المستجيبة في كل مكان كالسودان و مصر و الشام و اليمن و أفغانستان و جزر الهند الشرقية و نيجيريا و بلاد الهوسا و برنو و بلاد التكرور و غيرها مما ذكره كل من درس حياة الشيخ و أثرها في بلاد الشام لأنها أيقظت الهمم و حركت الناس من سباتهم و أوجدت يقظة فكرية و رغبة واسعة في إصلاح المجتمع الإسلامي بالدين السليم كما قال بذلك الإمام مالك رحمه الله مما زلزل أقدام المستعمرين و حرك مشاعرهم ضد هذه الدعوة و المعتنقين لمبادئها

( - انظر كتاب الشيخ محمد بن عبد الوهاب لأحمد بن حجر ص 106 . )

يتبع تصحيح خطأ تاريخي حول الوهابية رقم 6

الدولة العثمانية .... و الدعوة : -

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 16-03-2011, 05:08 AM
مـشـهـور مـشـهـور غير متواجد حالياً
 عضو فعال
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 1,203

الله يجزاك بخير

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 16-03-2011, 05:10 AM
مـشـهـور مـشـهـور غير متواجد حالياً
 عضو فعال
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 1,203

الله يجزاك بخير

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 16-03-2011, 05:12 AM
مـشـهـور مـشـهـور غير متواجد حالياً
 عضو فعال
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 1,203

جزاك الله بخير

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 16-03-2011, 05:14 AM
مـشـهـور مـشـهـور غير متواجد حالياً
 عضو فعال
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 1,203

جزاك الله بخير

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 16-03-2011, 05:15 AM
مـشـهـور مـشـهـور غير متواجد حالياً
 عضو فعال
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 1,203

مشكور

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 09:42 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.0, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Design And Develop By DevelopWay

تصميم : طريق التطوير
لحلول الإنترنت والتصميم DevelopWay.com